فلما نادت الملائكة زكريا بالبشارة { قَالَ رَبِّ } : يا سيدي قاله لجبرائيل ( عليه السلام ) ، وهذا هو قول الكلبي وأكثر المفسرين .
وقال الحسن بن الفضل : إنّما قال زكريا لله يا رب لا لجبرائيل .
{ أَنَّى يَكُونُ } : من أين يكون ، { لِي غُلاَمٌ } : ابن . { وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ } : قال أبو حمزة والفرّاء والمورّخ بن المفضّل : هذا من المقلوب : أي قد بلغت الكبر كما يقال : بلغني الجهد : أي إني في جهد ، ويقول هذا القول لا يقطعني أي لا يبلغ [ بي ] ما أريد [ أن ] يقطعه ، وأنشد المفضل :
كانت فريضةٌ ما زعمت *** كما كانت الزناء فريضة الرجم
وقيل معناه : وقد نالني الكبر وأدركني وأخذ مني وأضعفني .
قال الكلبي : كان يوم بُشر بالولد ابن اثنين وتسيعن سنة ، وقيل : ابن تسع وتسعون سنة ، فذلك قوله : { وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ } : أي عقيم لا تلد ، يقال : رجل عاقر وامرأة عاقر ، وقد عُقر بضم القاف ، يعقر عقراً وعقارة ، وقيل : تكلم حتى أُعقِر بكسر القاف يعقر عقراً إذا أبقى فلم يقدر على الكلام .
ولبئس الفتى إن كنت أعورُ عاقراً *** جباناً فما عذري لدى كل محضر
وإنما حذف الهاء ؛ لاختصاص الأُناث بهذه ، وقال به تارة الخليل .
وقال سيبويه : للنسبة أي ذات عقر ، كما يقال : امرأة مرضع أي ذات ولد رضيع وكل ( . . . ) امرأتي عنى عاقر ، وشخص عاقر .
وقال عبيد : عاقر مثل ذات رحم ، أو خانم مثل من [ ينحب ] .
{ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } : فإن قيل : لم تنكر زكريا ذلك وسأل الآية بعدما بشرته به الملائكة أكان ذلك [ شكّ في صدقهم [ أم أنّ ] ذلك منه استنكاراً لقدرة ربّه ] ؟ وهذا لا يجوز أن يوصف به أهلُ الإيمان فكيف الأنبياء ( عليهم السلام ) ؟ قيل : إن الجواب عنه ما روى عكرمة والسدي : إن زكريا لما سمع نداء الملائكة جاءه الشيطان ، فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعته ليس من اللَّه ، إنما هو من الشيطان يسخر بك ، ولو كان من اللَّه لأوحاه إليك خفياً ، كما ( ناداك ) خفياً وكما يوحى إليك في سائر الأمور ، فقال ذلك دفعاً للوسوسة .
والجواب الثاني : إنه لم يشك في الولد وإنما شك في كيفيته والوجه الذي يكون منه الولد فقال : { أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ } : أي فكيف يكون لي ولد ؟ أتجعلني وامرأتي شابين ؟ أم ترزقنا ولداً على كبرنا ؟ أم ترزقني من امرأتي أو غيرها من النساء ؟ قال ذلك مستفهماً لا منكراً ، وهذا قول الحسن وابن كيسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.