ثم إن الملائكة لما نادوه بما نادوه قال زكريا مخاطباً لله تعالى ومناجياً إياه { رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر } أدركتني السنون العالية وأثر فيّ طول العمر وأضعفني . قال أهل اللغة : كل شيء صادفته وبلغته فقد صادفك وبلغك وذلك إذا أمكن تصور الطلب من الجانبين . فيجوز بلغت الكبر وبلغني الكبر لأن الكبر كالشيء الطالب للإنسان فهو يأتيه بحدوثه فيه . والإنسان أيضاً يأتيه بمرور العمر عليه . ولا يجوز بلغني البلد في موضع بلغت البلد لأن البلد ليس كالطالب للإنسان الذاهب . { وامرأتي عاقر } هي من الصفات الخاصة بالنساء . ويقال : رمل عاقر لا ينبت شيئاً . فإن قيل : لما كان زكريا هو الذي سأل الولد ثم أجابه الله تعالى إلى ذلك فما وجه تعجبه واستبعاده بقوله : { أنى يكون } من أين يحصل لي غلام ؟ فالجواب على ما في الكشاف أن الاستبعاد إنما جاء من حيث العادة . وقيل : إنه دهش من شدة الفرح فسبق لسانه . ونقل عن سفيان بن عيينة أن دعاءه كان قبل البشارة بستين سنة ، فكان قد نسي ذلك السؤال وقت البشارة ، فلما سمع البشارة في زمان الشيخوخة استغرب وكان له يومئذٍ مائة وعشرون سنة أو تسع وتسعون ولامرأته ثمان وتسعون ، وعن السدي أن الشيطان جاءه عند سماع البشارة قال : إن هذا النداء من الشيطان وقد سخر منك فاشتبه عليه الأمر ولا سيما أنه كان من مصالح الدنيا ولم يتأكد بالمعجزة فرجع إلى إزالة ذلك الخاطر فسأل ما سأل . والجواب المعتمد أن زكريا لم يسأل عما سأل استبعاداً وتشككاً في قدرة الله تعالى ، وإنما أراد تعيين الجهة التي بها يحصل الولد ، فإن الجهة المعتادة كانت متعذرة عادة لكبره وعقارتها فأجيب بقوله : { كذلك الله يفعل ما يشاء } وهو إما جملة واحدة أي الله يفعل ما يشاء من الأفعال العجيبة مثل ذلك الفعل وهو خلق الولد بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر ، أو جملتان فيكون { كذلك الله } مبتدأ وخبراً أي على نحو هذه الصفة الله و{ يفعل ما يشاء } بياناً له أي يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.