تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

فبعد هذا التأكيد البليغ { تَوَلَّيْتُمْ } وأعرضتم ، وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات ، ولكن { لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

وقوله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } يقول تعالى : ثم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم توليتم عنه وانثنيتم ونقضتموه { فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي : توبته{[1937]} عليكم وإرساله النبيين والمرسلين إليكم { لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ } بنقضكم ذلك الميثاق في الدنيا والآخرة .


[1937]:في جـ، ط، أ، و: "أي بتوبته".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

{ ثم توليتم من بعد ذلك } أعرضتم عن الوفاء بالميثاق بعد أخذه . { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } بتوفيقكم للتوبة ، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه . { لكنتم من الخاسرين } المغبونين بالانهماك في المعاصي ، أو بالخبط والضلال في فترة من الرسل . ولو في الأصل لامتناع الشيء لامتناع غيره ، فإذا دخل على لا أفاد إثباتا وهو امتناع الشيء لثبوت غيره ، والاسم الواقع بعده عند سيبويه مبتدأ خبره واجب الحذف لدلالة الكلام عليه وسد الجواب مسده ، وعند الكوفيين فاعل فعل محذوف .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( 64 )

وقوله تعالى : { ثم توليتم من بعد ذلك } الآية . تولّى تفعّل ، وأصله الإعراض والإدبار عن الشيء بالجسم ، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور والأديان والمعتقدات اتساعاً ومجازاً ، و { فضل الله } رفع بالابتداء ، والخبر مضمر عند سيبويه لا يجوز إظهاره للاستغناء عنه ، تقديره فلولا فضل الله عليكم تدارككم ، { ورحمته } عطف على فضل ، قال قتادة : فضل الله الإسلام ، ورحمته القرآن . قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا على أن المخاطب بقوله : { عليكم } لفظاً ومعنى من كان في مدة محمد صلى الله عليه وسلم ، والجمهور على أن المراد بالمعنى من سلف( {[734]} ) ، و { لكنتم } جواب { لولا } ، { ومن الخاسرين } خبر «كان » . والخسران النقصان ، وتوليهم من بعد ذلك ، إما بالمعاصي ، فكان فضل الله بالتوبة والإمهال إليها ، وإما أن يكون توليهم بالكفر فكان فضل الله بأن لم يعاجلهم بالإهلاك ليكون من ذريتهم من يؤمن ، أو يكون المراد من لحق محمداً صلى الله عليه وسلم ، وقد قال ذلك قوم ، وعليه يتجه قول قتادة : إن الفضل الإسلام ، والرحمة القرآن ، ويتجه أيضاً أن يراد بالفضل والرحمة إدراكهم مدة محمد صلى الله عليه وسلم .


[734]:- ويأتي له أن قوما قالوا: إن المراد من حضر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا القول يصح ما قاله قتادة بن دعامة السدوسي البصري رحمه الله.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

قوله : { ثم توليتم من بعد ذلك } إشارة إلى عبادتهم العجل في مدة مناجاة موسى وأن الله تاب عليهم بفضله ولولا ذلك لكانوا من الخاسرين الهالكين في الدنيا أو فيها وفي الآخرة .

ولا حاجة بنا إلى الخوض في مسألة التكليف الإلجائي ومنافاة الإلجاء للتكليف وهي مسألة تكليف المُلْجأ ، المذكورة في الأصول لأنها بنيت هنا على أطلال الأخبار المروية في قلع الطور ورفعه فوقهم وقول موسى لهم إما أن تؤمنوا أو يقع عليكم الطور ، على أنه لو صحت تلك الأخبار لما كان من الإلجاء في شيء إذ ليس نصب الآيات والمعجزات والتخويف من الإلجاء وإنما هو دلالة وبرهان على صدق الرسول وصحة ما جاء به والممتنع في التكليف هو التكليف في حالة الإلجاء لا التخويف لإتمام التكليف ، فلا تغفلوا .