فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

{ ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ، ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ، فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين } .

{ ثم توليتم } أصل التولي الإدبار عن الشيء والإعراض بالجسم ثم استعمل في الإعراض عن الأمور والأديان والمعتقدات اتساعا ومجازا { من بعد ذلك } أي الميثاق أو رفع الطور أو إيتاء التوراة ؛ والمراد هنا إعراضهم عن الميثاق المأخوذ عليهم من بعد البرهان لهم والترهيب بأشد ما يكون وأعظم ما تجوزه العقول . وتقدره الأفهام ، وهو رفع الجبل فوق رؤوسهم كأنه ظلة عليهم .

{ فلولا } حرف امتناع لوجود تختص بالجمل الإسمية { فضل الله عليكم } بأن تدارككم بلطفه ؛ والفضل الزيادة والخير والأفضال والإحسان قاله ابن فارس في المجمل { ورحمته } حتى أظهروا التوبة { لكنتم من الخاسرين } أي المغبونين بذهاب الدنيا والهالكين بالعذاب في العقبى : والخسران النقصان .