نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

قوله : { ثم توليتم } {[3007]}والتولي{[3008]} قال الأصفهاني : أصله الإعراض عن الشيء بالجسم ، ثم استعمل في الإعراض عن الأمر والدين - انتهى . وهو هنا الإعراض المتكلف بما يفهمه التفعل - قاله الحرالي . {[3009]}وذلك لأن النفوس إذا توطنت على أمر الله فرأت محاسنه فرجعت بذلك إلى نحو من الفطر الأولى لم ترجع عنه إلاّ بمنازعة من الهوى شديدة{[3010]} .

{[3011]}ولما كان توليهم لم يستغرق زمن البعد أدخل الجار فقال{[3012]} : { من بعد ذلك } {[3013]}أي التأكيد العظيم{[3014]} عن {[3015]}الوفاء به{[3016]} .

{ فلولا } أي فتسبب عن{[3017]} توليكم أنه لولا { فضل الله } {[3018]}أي الذي له الجلال والإكرام مستعل{[3019]} { عليكم ورحمته }{[3020]} بالعفو والتوبة {[3021]}والإكرام بالهداية والنصر على الأعداء{[3022]} { لكنتم من الخاسرين * } {[3023]}بالعقوبة وتأبد الغضب ، وأيضاً فلما كان يمكنهم أن يدعوا الإيمان والعمل الصالح عقبت{[3024]} تلك بآية الميثاق إشارة إلى أنه ليس المنجي الإيمان في الجملة بل الإيمان بجميع ما أخذ عليهم به الميثاق ، وهو جميع ما آتاهم في التوراة إيماناً مصحوباً بالقوة ، ومما آتاهم صفة عيسى ومحمد عليهما السلام والأمر باتباعهما ، فهو مما أخذ عليهم به العهد وقد كفروا به فلم يصح{[3025]} لهم إيمان ولا عمل ، لأن التفرقة بين ما أتى منه سبحانه زنذقة .


[3007]:ليس في ظ، وفي م: أي التوقي: قال أبو حيان: التولي الإعراض بعد الإقبال وهذا أوضح ويدل عليه "ثم" والذي يفهم من السياق أنهم امتثلوا الأمر وفعلوا مقتضاه، يدل على ذلك "ثم توليتم من بعد ذلك" فهذا يدل على القبول والالتزام لما أمروا به، وفي بعض القصص أنهم قالوا لما زال الجبل: يا موسى سمعنا وأطعنا، ولولا الجبل ما أطعناك، وقد علم أنهم بعد ما قبلوا التوراة تولوا عنها بأمور فحرفوها وتركوا العمل بها وقتلوا الأنبياء وكفروا بالله وعصوا أمره.
[3008]:ليس في ظ، وفي م: أي التوقي: قال أبو حيان: التولي الإعراض بعد الإقبال وهذا أوضح ويدل عليه "ثم" والذي يفهم من السياق أنهم امتثلوا الأمر وفعلوا مقتضاه، يدل على ذلك "ثم توليتم من بعد ذلك" فهذا يدل على القبول والالتزام لما أمروا به، وفي بعض القصص أنهم قالوا لما زال الجبل: يا موسى سمعنا وأطعنا، ولولا الجبل ما أطعناك، وقد علم أنهم بعد ما قبلوا التوراة تولوا عنها بأمور فحرفوها وتركوا العمل بها وقتلوا الأنبياء وكفروا بالله وعصوا أمره.
[3009]:ليست في ظ.
[3010]:ليست في ظ.
[3011]:ليست في ظ.
[3012]:ليست في ظ.
[3013]:ليست في ظ.
[3014]:ليست في ظ.
[3015]:في مد: الوقاية.
[3016]:في مد: الوقاية.
[3017]:زيد في ظ: ذلك.
[3018]:ليست في ظ.
[3019]:ليست في ظ.
[3020]:الفضل الإسلام، والرحمة القرآن – قاله أبو العالية: أو الفضل قبول التوبة والرحمة العفو عن الزلة – من البحر المحيط 1 / 244.
[3021]:ليست في ظ.
[3022]:ليست في ظ.
[3023]:الخسران هو النقصان: ومعناه من الهالكين في الدنيا والآخرة، ويحتمل أن يكون كان هنا بمعنى بمعنى صار. قال القشيري: أخذ سبحانه ميثاق المكلفين ولكن قوما أجابوه طوعا لأنه تعرف إليهم فوحدوه، وقوما أجابوه كرها لأنه ستر عليهم فجحدوه، ولا حجة أقوى من عيان ما رفع فوقهم من الطور ولكن عدموا نور البصيرة فلم ينفعهم عيان البصر، قال تعالى "ثم توليتم" أي رجعتم إلى العصيان بعد مشاهدتكم الإيمان بالعيان، ولولا لا حكمه بإمهاله وحكمه بإفضاله لعاجلكم بالعقوبة ولحل بكم عظيم المصيبة. وقال بعض أهل اللطائف: كانت نفوس بني إسرائيل من ظلمات عصيانهم تخبط في عشواء حالكة الجلباب وتخطر من غلوائها وعلوها في حلتي كبر وإعجاب فلما أمروا بأخذ التوراة ورأوا ما فيها من أثقال التكاليف ثارت نفوسهم الآبية، فرفع الله عليهم الجبل فوجدوه أثقل مما كلفوه فهان عليهم حمل التوراة مع ما فيها من التكليف والنصب إذ ذاك أهون من الهلاك قال الشاعر: إلى الله يدعى بالبراهين من أبي فإن لم يجب نادته بيض الصوارم. من بحر المحيط 1 / 240.
[3024]:في ظ: عقيب.
[3025]:في م: لم يصلح.