تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

{ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ } أي : ذو الساق الذي يداس ، فينتفع بتبنه للأنعام وغيرها ، ويدخل في ذلك حب البر والشعير والذرة [ والأرز ] والدخن ، وغير ذلك ، { وَالرَّيْحَانُ } يحتمل أن المراد بذلك جميع الأرزاق التي يأكلها الآدميون ، فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص ، ويكون الله قد امتن على عباده بالقوت والرزق ، عموما وخصوصا ، ويحتمل أن المراد بالريحان ، الريحان المعروف ، وأن الله امتن على عباده بما يسره في الأرض من أنواع الروائح الطيبة ، والمشام الفاخرة ، التي تسر الأرواح ، وتنشرح لها النفوس .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

{ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ } يعني : التبن .

وقال العَوْفي ، عن ابن عباس : { الْعَصْفِ } ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه ، فهو يسمى العصف إذا يبس . وكذا قال قتادة ، والضحاك ، وأبو مالك : عصفه : تبنه .

وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : { والريحان } يعني : الورق .

وقال الحسن : هو ريحانكم هذا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { والريحان } خضر{[27850]} الزرع .

ومعنى هذا - والله أعلم - أن الحب كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف ، وهو : ما على السنبلة ، وريحان ، وهو : الورق الملتف على ساقها .

وقيل : العصف : الورق أول ما ينبت الزرع بقلا . والريحان : الورق ، يعني : إذا أدجن وانعقد فيه الحب . كما قال زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته المشهورة .

وَقُولا له : من يُنْبِتُ الحَبَّ في الثَّرى *** فَيُصْبِحَ منه البقلُ يَهْتَزُّ رابيا?

وَيُخْرجَ منْه حَبَّه في رُؤوسه? *** فَفي ذاك آياتٌ لِمَنْ كَانَ واعيا {[27851]}


[27850]:- (1) في أ: "خضرة".
[27851]:- (2) انظر الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام (1/228).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

والحب ذو العصف كالحنطة والشعير وسائر ما يتغذى به و العصف ورق النبات اليابس كالتين والريحان يعني المشموم أو الرزق من قولهم خرجت أطلب ريحان الله وقرأ ابن عامر والحب ذا العصف والريحان أي وخلق الحب والريحان أو وأخص ويجوز أن يراد وذا الريحان فحذف المضاف وقرأ حمزة والكسائي والريحان بالخفض ما عدا ذلك بالرفع وهو فيعلان من الروح فقلبت الواو ياء وأدغم ثم خفف وقيل روحان فقلبت واوه ياء للتخفيف .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{والحب} فيها يعني في الأرض أيضا، الحب: يعني البر والشعير {ذو العصف} يعني ورق الزرع الذي يكون فيه الحب {والريحان} يعني الرزق نظيرها في الواقعة {فروح وريحان} [الواقعة:89] يعني الرزق بلسان حمير الذي يخرج من الحب من دقيق أو سوابق، أو غيره...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيحانِ "يقول تعالى ذكره: وفيها الحبّ، وهو حبّ البُرّ والشعير ذو الورق، والتبن: هو العَصْف... عن ابن عباس، قوله: "والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحانُ" قال: العصف: ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه فهو يسمى العصف إذا يبس... عن قتادة، قال: العصف: التبن... عن مجاهد... قال: يقال للزرع إذا قُطع: عصافة، وكلّ ورق فهو عصافة...

وقال بعضهم: العصف: هو الحبّ من البرّ والشعير بعينه...

وأما قوله: "والرّيْحانُ" فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله؛ فقال بعضهم: هو الرزق...

وقال آخرون: هو الريحان الذي يشمّ... قال ابن زيد، في قوله: والرّيْحانُ: الرياحين التي توجد ريحها.

وقال آخرون: هو خُضرة الزرع...

وقال آخرون: هو ما قام على ساق...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي به الرزق، وهو الحبّ الذي يؤكل منه.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لأن الله جلّ ثناؤه أخبر عن الحبّ أنه ذو العصف، وذلك ما وصفنا من الورق الحادث منه، والتبن إذا يبس، فالذي هو أولى بالريحان، أن يكون حبه الحادث منه، إذ كان من جنس الشيء الذي منه العصف، ومسموع من العرب تقول: خرجنا نطلب رَيْحان الله ورزقه، ويقال: سبحانَك وريحانَك: أي ورزقك...

وذُكر عن بعضهم أنه كان يقول: العصف: المأكول من الحبّ، والريحان: الصحيح الذي لم يؤكل.

واختلفت القراء في قراءة قوله: "والرّيْحانُ" فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين وبعض الكوفيين بالرفع عطفا به على الحبّ، بمعنى: وفيها الحبّ ذو العصف، وفيها الريحان أيضا. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين «والرّيْحانِ» بالخفض عطفا به على العصف، بمعنى: والحبّ ذو العصف وذو الريحان.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب: قراءة من قرأه بالخفض للعلة التي بينت في تأويله، وأنه بمعنى الرزق. وأما الذين قرأوه رفعا، فإنهم وجّهوا تأويله فيما أرى إلى أنه الريحان الذي يشمّ، فلذلك اختاروا الرفع فيه وكونه خفضا بمعنى: وفيها الحبّ ذو الورق والتبن، وذو الرزق المطعوم أولى وأحسن لما قد بيّناه قبل.

أحكام القرآن للجصاص 370 هـ :

والظاهر من الريحان أنه المشموم، ولما عطف الريحان على الحبِّ ذي العَصْفِ والعَصْفُ هو ساقه دلّ على أن الريحان ما يخرج من الأرض وله رائحة مستَلَذَّة قبل أن يصير له ساق...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

ذكَّرهم عظِمَ مِنَّتِه عليهم بما خَلَقَ من هذه الأشياء التي ينتفعون بها من مأكولاتٍ ومشمومات وغير ذلك...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{والريحان} الرزق وهو اللب: أراد فيها ما يتلذذ به من الفواكه والجامع بين التلذذ والتغذي وهو ثمر النخل، وما يتغذى به وهو الحب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والحب}... ولما كان الريحان يطلق على كل نبت طيب الرائحة خصوصاً، وعلى كل نبت عموماً، أتبعه به ليعم ويخص جميع ما ذكر من سائر النبات وغيره على وجه مذكر بنعمه بغذاء الأرواح بعد ما ذكر غذاء الأشباح فقال: {والريحان}...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ووصفُ الحب بأنه {ذو العصف} للتحسين وللتذكير بمنة جمال الزرع حين ظهوره في سنبله في حقوله نظير وصف النخل بذات الأكمام...