قال ابن جرير : حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية ، عن ابن عمر في قوله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : جبل في جهنم .
وقال كعب الأحبار : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } هو سبعون درجة في جهنم . وقال الحسن البصري : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : عقبة في جهنم . وقال قتادة : إنها قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة الله عز وجل .
وقوله : فَلا اقْتَحَم الْعَقَبَةَ يقول تعالى ذكره : فلم يركب العقبة ، فيقطعها ويجوزها .
وذُكر أن العقبة : جبل في جهنم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قول الله : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ قال : عَقَبة في جهنم .
حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية ، عن ابن عمر ، في قوله : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ جبل من جهنم .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلّية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ قال : جهنم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ إنها قحمة شديدة ، فاقتحموها بطاعة الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ قال : للنار عقبة دون الجسر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدّث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن شعيب بن زُرْعة ، عن حنش ، عن كعب ، أنه قال : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ قال : هو سبعون درجة في جهنم .
وأفرد قوله : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ بذكر «لا » مرّة واحدة ، والعرب لا تكاد تفردها في كلام في مثل هذا الموضع ، حتى يكرّروها مع كلام آخر ، كما قال : فَلا صَدّقَ وَلا صَلّى وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . وإنما فعل ذلك كذلك في هذا الموضع ، استغناء بدلالة آخر الكلام على معناه ، من إعادتها مرّة أخرى ، وذلك قوله إذ فسّر اقتحام العقبة ، فقال : فَكّ رَقَبَةٍ أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيما ذَا مَقْرَبَةٍ أوْ مِسْكِينا ذَا مَتْرَبَةٍ ثم كان من الذين آمنوا ، ففسر ذلك بأشياء ثلاثة ، فكان كأنه في أوّل الكلام ، قال : فلا فَعَلَ ذا ولا ذا ولا ذا . وتأوّل ذلك ابن زيد ، بمعنى : أفلا ، ومن تأوّله كذلك ، لم يكن به حاجة إلى أن يزعم أن في الكلام متروكا . ذكر الخبر بذلك عن ابن زيد :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ قال : أفلا سلك الطريق التي منها النجاة والخير ، ثم قال : وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ ؟ .
فلا أقتحم العقبة أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة وهو الدخول في أمر شديد و العقبة الطريق في الجبل استعارها بما فسرها عز وجل من الفلك والإطعام في قوله وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة لما فيهما من مجاهدة النفس ولتعدد المراد بها حسن وقوع لا موقع لم فإنها لا تكاد تقع إلا مكررة إذ المعنى فلا فك رقبة ولا أطعم يتيما أو مسكينا والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب وترب إذا افتقر وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي فك رقبة أو أطعم على الإبدال من اقتحم وقوله تعالى وما أدراك ما العقبة اعترض معناه إنك لم تدركنه صعوبتها وثوابها .
في هذه الآية على عرف كلام العرب ، استعارة لهذا العمل الشاق على النفس من حيث هو بذل مال تشبيه بعقبة الجبل ، وهي ما صعب منه وكان صعوداً ، و { اقتحم } معناه : دخلها وجاوزها بسرعة وضغط وشدة ، وأما المفسرون فرأوا أن { العقبة } يراد بها جبل في جهنم ، لا ينجي منه إلا هذه الأعمال ونحوها ، قاله ابن عباس وقتادة ، وقال الحسن : { العقبة } جهنم ، قال هو وقتادة فاقتحموها بطاعة الله ، وفي الحديث : «إن اقتحامها للمؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء{[11833]} » واختلف الناس في قوله { فلا } فقال جمهور المتأولين : هو تحضيض بمعنى «فألا » ، وقال آخرون وهو دعاء بمعنى أنه ممن يستحق أن يدعى عليه بأن لا يفعل خيراً ، وقيل هي نفي ، أي «فما اقتحم » ، وقال أبو عبيدة والزجاج وهذا نحو قوله تعالى : { فلا صدق ولا صلى }{[11834]} [ القيامة : 31 ] فهو نفي محض كأنه قال : وهبنا له الجوارح ودللناه على السبيل فما فعل خيراً{[11835]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.