تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

{ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ } أي : مَنَّ اللّه عليهم بهما وصارا وصفا لهم العلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق ، وإذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم أن يكون قولهم مطابقا للواقع مناسبا لأحوالهم .

فلهذا قالوا الحق : { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ } أي : في قضائه وقدره ، الذي كتبه اللّه عليكم وفي حكمه { إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } أي : عمرتم عُمْرًا يتذكر فيه المتذكر ويتدبر فيه المتدبر ويعتبر فيه المعتبر حتى صار البعث ووصلتم إلى هذه الحال .

{ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } فلذلك أنكرتموه في الدنيا وأنكرتم إقامتكم في الدنيا وقتا تتمكنون فيه من الإنابة والتوبة ، فلم يزل الجهل شعاركم وآثاره من التكذيب والخسار دثاركم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

قوله تعالى : " وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث " اختلف في الذين أوتوا العلم ، فقيل الملائكة . وقيل الأنبياء . وقيل علماء الأمم . وقيل مؤمنو هذه الأمة . وقيل جميع المؤمنين ، أي يقول المؤمنون للكفار ردا عليهم لقد لبثتم في قبوركم إلى يوم البعث . والفاء في قوله : " فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون " جواب لشرط محذوف دل عليه الكلام ، مجازه : إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث . وحكى يعقوب عن بعض القراء وهي قراءة الحسن : " إلى يوم البعث " بالتحريك ، وهذا مما فيه حرف من حروف الحلق . وقيل : معنى " في كتاب الله " في حكم الله . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، أي وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث ، قاله مقاتل وقتادة والسدي . القشيري : وعلى هذا " أوتوا العلم " بمعنى كتاب الله . وقيل : الذين حكم لهم في الكتاب بالعلم " فهذا يوم البعث " أي اليوم الذي كنتم تنكرونه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

ولما وصف الجاهلين ، أتبعه صفة العلماء فقال : { وقال الذين } و{[53484]}عبر بقوله : { أوتوا العلم } تنبيهاً على شكر من آتاهموه ، وبناه للمجهول إشارة إلى تسهيل أخذه عليهم من الجليل و{[53485]} الحقير ، وأتبعه ما لا يشرق أنواره ويبرز ثماره غيره ، فقال : { والإيمان } إشارة إلى تفكرهم في جميع الآيات الواضحة والغامضة مقسمين كما أقسم{[53486]} أولئك محققين مقالهم مواجهين للمجرمين تبكيتاً وتوبيخاً مؤكدين ما أنكر أولئك : { لقد لبثتم في كتاب الله } أي في إخبار قضاء{[53487]} الذي له جميع الكمال الذي كتبه في كتابه الذي{[53488]} كان يخبر به في الدنيا { إلى يوم البعث } كما قال تعالى :

{ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون }{[53489]}[ المؤمنون : 100 ] وأما تعيين مدة اللبث فأخفاه عن عباده ، ولما أعلم القرآن أن غاية البرزخ{[53490]} البعث ، وصدق في إخباره ، سببوا عن ذلك قولهم : { فهذا } أي فتسبب ما كنا نقوله وتكذبوننا فيه ، نقول{[53491]} لكم الآن حيث لا تقدرون على تكذيب : هذا { يوم البعث } أي{[53492]} الذي آمنا به وكنتم تنكرونه ، قد كان طبق ما كنا{[53493]} نقوله لكم{[53494]} ، فقد تبين بطلان قولكم ، وكنتم تدعون الخلاص فيه بأنواع من التكاذيب قصداً للمغالبة ، فما كنتم صانعين عند حضوره فاصنعوه الآن ، تنبيهاً لهم على أنه لا فائدة في تحرير مقدار اللبث في الدنيا ولا في البرزخ ، وإنما الفائدة في التصديق بما أخبر به الكتاب حيث كان التصديق نافعاً . ولما كان التقدير : قد أتى كما كنا به عالمين ، {[53495]}فلو كان لكم نوع من العلم لصدقتمونا في إخبارنا به فنفعكم ذلك الآن{[53496]} ، عطف عليه قوله : { ولكنكم كنتم } أي كوناً هو كالجبلة لكم في إنكاركم له { لا تعلمون* } أي ليس{[53497]} لكم علم أصلاً ، لتفريطكم في طلب العلم من أبوابه ، والتوصل{[53498]} إليه بأسبابه ، فلذلك كذبتم به فاستوجبتم جزاء ذلك اليوم .


[53484]:زيد من ظ وم ومد.
[53485]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أو.
[53486]:في ظ: انقسم.
[53487]:سقط من ظ.
[53488]:في م "و".
[53489]:راجع سورة 23 آية 100.
[53490]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ وم ومد فحذفناها.
[53491]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مقول.
[53492]:زيد من ظ وم ومد.
[53493]:زيد من ظ وم ومد.
[53494]:سقط من ظ.
[53495]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53496]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53497]:زيد من ظ وم ومد.
[53498]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: التواصل.