تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

{ انْظُرْ } متعجبا منهم ومن أحوالهم { كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ } أي : كذبوا كذبا عاد بالخسار على أنفسهم وضرهم-والله- غاية الضرر { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } من الشركاء الذين زعموهم مع الله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

20

لذلك يقرر الله سبحانه ، معجبا رسوله [ ص ] من أمر القوم ، أنهم كذبوا على أنفسهم يوم اتخذوا هؤلاء الشركاء شركاء ، حيث لا وجود لشركتهم مع الله في الحقيقة . وأنهم اليوم غاب عنهم ما كانوا يفترونه ، فاعترفوا بالحق بعد ما غاب عنهم الافتراء :

( انظر كيف كذبوا على أنفسهم ، وضل عنهم ما كانوا يفترون ) . .

فالكذب منهم كان على أنفسهم ؛ فهم كذبوها وخدعوها يوم اتخذوا مع الله شريكا ، وافتروا على الله هذا الافتراء . وقد ظل عنهم ما كانوا يفترون وغاب ، في يوم الحشر والحساب !

هذا هو التأويل الذي أستريح إليه في حلفهم بالله يوم القيامة وهم في حضرته : أنهم ما كانوا مشركين . وفي تأويل كذبهم على أنفسهم كذلك . فهم لا يجرؤون يوم القيامة أن يكذبوا على الله ، وأن يحلفوا أنهم ما كانوا مشركين عامدين بالكذب على الله - كما تقول بعض التفاسير - فهم يوم القيامة لا يكتمون الله حديثا . . إنما هو تعري الفطرة عن الشرك أمام الهول الرعيب ؛ وأنمحاء هذا الباطل الكاذب حتى لا أثر له في حسهم يومذاك . ثم تعجيب الله - سبحانه - من كذبهم الذي كذبوه على أنفسهم في الدنيا ؛ والذي لا ظل له في حسهم ولا في الواقع يوم القيامة !

. . والله أعلم بمراده على كل حال . . إنما هو احتمال . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

وقوله تعالى { انظر كيف كذبوا } الآية ، الخطاب لمحمد عليه السلام ، والنظر نظر القلب ، وقال كذبوا في أمر لم يقع إذ هي حكاية يوم القيامة ، فلا إشكال في استعمال الماضي فيها موضع المستقبل ويفيدنا استعمال الماضي تحقيقاً ما في الفعل وإثباتاً له ، وهذا مهيع في اللغة ، ومنه قول الربيع بن ضبع الفزاري : [ المنسرح ]

أَصْبَحْتُ لا أحْمِلُ السِّلاَحَ ولا . . . أمْلِكُ رَأْسَ البَعيِرِ إن نَفَرَا

يريد أن ينفر { وضل عنهم } معناه ذهب افتراؤهم في الدنيا وكذبهم بادعائهم لله تبارك وتعالى الشركاء{[4870]} .


[4870]:- معنى كلامه هذا أن [ما] هنا مصدرية. وقد ذهب الزمخشري إلى أنها بمعنى الذي، قال المعنى: "وغاب عنهم ما كانوا يفترون ألوهيته وشفاعته". وهذا هو معنى ما قاله الحسن وأبو علي إذ قالا: المعنى: "لم يغن عنهم شيئا ما كانوا يعبدون من الأصنام في الدنيا".