تفسير الأعقم - الأعقم  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

{ انظر } يا محمد { كيف كذبوا على أنفسهم } في الدنيا بقولهم انا مصيبون في قولنا ، انا غير مشركين ، واختلفوا هل يجوز في الآخرة أن يكذبوا فالأكثر قالوا لا يجوز لأنها ليست دار تكليف ، وقيل : يجوز ذلك لما يلحقهم من الدهش ، قال جار الله : فإن قلتَ : كيف يصح أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور على أن الكذب والجحود لا وجه لمنفعته ؟ قلتُ : الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشاً ، ألا تراهم يقولون ربنا أخرجنا فإن عدنا فانا ظالمون وقد أيقنوا بالخلود ولم يشكُّوا فيه وقالوا : يا مالك ليقض علينا ربك وقد علموا أنه لا يقضي عليهم ، وأما قول من يقول معناه ما كنا مشركين عند أنفسنا ، وما علمنا انا على خطأ في معتقدنا ، وحمل قوله : { أنظر كيف كذبوا على أنفسهم } يعني في الدنيا متحمل وتعسف وتحريف ، وقد قال تعالى : { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون } [ المجادلة : 18 ] بعد قوله : { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } [ المجادلة : 14 ] فشبَّه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا .