الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

قوله : { انظر كيف كذبوا على أنفسهم } الآية [ 25 ] .

معنى النظر هنا : هو نظر القلب ( معناه{[19426]} : تَبيَّنْ{[19427]} فاعلم كيف كذبوا في الآخرة ){[19428]} .

وقوله : { كذبوا } معناه : يكذبون ، إلا أنه لما كان أمراً يقع بلا شك ، أخبر عنه بمثل ما يخبر ( عما ){[19429]} وقع{[19430]} .

ومعنى { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي : وفارقتهم الأنداد والأصنام ، وتبرأوا منها{[19431]} . وقيل : ( معناه ){[19432]} ذهب عنهم ما كانوا يختلقون{[19433]} .

قال ابن عباس : لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام ، قالوا ( تعالوا ){[19434]} فلنجحد ما كنا فيه ، فقالوا : { والله ربنا ما كنا مشركين } ، فختم الله على أفواههم ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم ، فلا يكتمون الله حديثا ، فود الذين كفروا حين ذلك لو تسوى بهم الأرض ، و{ لا يكتمون }{[19435]} حديثا{[19436]} .

وقال ابن جبير : لما أمر{[19437]} بإخراج من دخل النار من أهل التوحيد ، قال من فيها من المشركين : تعالوا فنقل ( لا إله إلا الله ) لعلنا نخرج من هؤلاء . فقالوا{[19438]} ، فلم يُصَدّقوا ، فحلفوا فقالوا : { والله ربنا ما كنا مشركين }{[19439]} .

وقال قطرب{[19440]} : إنهم لم{[19441]} يتعمدوا الكذب ، ولكنهم قالوا ما{[19442]} قالوا وهم عند أنفسهم صادقون{[19443]} ، لكنهم كاذبون عند الله ، ولذلك قال : { انظر كيف كذبوا } .

والذي يدل على خطأ قول قطرب قوله : { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم }{[19444]} ، فلم ( يحلفوا للنبي ){[19445]} قط إلا وهم يعلمون أنهم كاذبون ، وقد اخبر الله أن ( اليمينين متساويتان ){[19446]} . وقوله : { انظر كيف كذبوا } يدل على أنهم تعمدوا الكذب .


[19426]:مطموسة في أ وعليها علامة تضبيب.
[19427]:ج د: يتبين.
[19428]:تفسير الطبري 11/301.
[19429]:أ: عن ما.
[19430]:تفسير الطبري 11/301.
[19431]:انظر: تفسير الطبري 11/301.
[19432]:ساقطة من ج د.
[19433]:ب د: يختلفون. وهو قول ابن قتيبة في غريبه 152.
[19434]:مطموسة في أ. ب ج د: تعال.
[19435]:مطموسة في أ. ب: لم يكتموا. ج: لا يكتموا.
[19436]:روايتان عن ابن عباس تكمّل إحداهما الأخرى في تفسير الطبري 11/302، 304 التي فيها: (حين رأوا ذلك) بزيادة (رأوا).
[19437]:ب: ابر. د: أمر الله سبحانه.
[19438]:د: فقولوا.
[19439]:انظر: تفسير الطبري 11/303.
[19440]:هو أبو علي محمد بن المستنير، الشهير بقطرب، معتزلي نظامي، أخذ عن سيبويه، وهو الذي دعاه بقطرب. توفي سنة 206 هـ. انظر: طبقات المفسرين 2/254، والوفيات 3/490، ونزهة الألبا 91.
[19441]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ج د: لن.
[19442]:ج د: أما.
[19443]:ب: صدقين.
[19444]:المجادلة آية 18. وانظر: التفسير الكبير 12/184.
[19445]:ب: يخلفوا النبي.
[19446]:مطموسة في أ. ب: اليمينه متساويان. ج د: اليمينين متساويان.