غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

12

فيجيب تأويل قوله تعالى { انظر كيف كذبوا على أنفسهم } بأن المراد كذبهم في دار الدنيا كقولهم إنهم على صواب وإن ما هم عليه ليس بشرك وإن آلهتهم شفعاؤهم عند الله فلهذا قال { وضل عنهم } أي وانظر كيف غاب عنهم في الآخرة { ما كانوا يفترون } أي يفتعلون إلهيته وشفاعته . والحاصل أن الآية سيقت لبيان تضاد حاليهم في الدنيا وفي الآخرة بالكذب وبالصدق ولكن حيث لا ينفعهم الصدق لأن الصدق في الآخرة إنما يعتبر إذا كان مقروناً بالصدق في الدنيا ، هذا جملة كلام القاضيين . قال جمهور المفسرين : إن قول القائل المراد ما كنا مشركين في اعتقادنا ، وكيف كذبوا على أنفسهم في الدنيا مخالفة الظاهر وإن الكفار قد يكذبون في القيامة لقوله تعالى { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون } [ المجادلة :18 ] إلى قوله { ألا إنهم هم الكاذبون } [ المجادلة : 18 ] ولو سلم أنهم لا يكذبون تعمداً إلا أن الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه حيرة ودهشاً ، ألا تراهم يقولون { ربنا أخرجنا منها } [ المؤمنون : 107 ] وقد أيقنوا بالخلود ؟ { وقالوا يا مالك ليقض علينا ربك } [ الزخرف : 77 ] وقد علموا أنه لا يقضى عليهم . واختلال عقولهم حال ما يتكلمون بهذا الكلام لا يمنع كمال عقلهم في سائر الأوقات .

/خ24