السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

قال الله تعالى :

{ انظر } يا محمد { كيف كذبوا على أنفسهم } باعتذارهم الباطل وتبريهم من الأصنام والشرك الذي كانوا عليه واستعمالهم الكذب مثل ما كانوا عليه في دار الدنيا وذلك لا ينفعهم { وضلّ } أي : غاب { عنهم ما كانوا يفترون } أي : يكذبون وهو قولهم : إنّ الأصنام تشفع لهم وتنصرهم فبطل ذلك كله في ذلك اليوم .

فإن قيل : كيف يصح أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور وعلى أنّ الكذب والجحود لا وجه لمنفعته ؟ أجيب : بأنّ الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشة إلا تراهم يقولون : { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } وقد أيقنوا الخلود ولم يشكوا فيه وقالوا : { ليقض علينا ربك } ( الزحرف ، 77 ) وقد علموا أنه لا يقضي عليهم .