إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

{ انظر كَيْفَ كَذَبُوا على أَنفُسِهِمْ } فإنه تعجيبٌ من كذبهم الصريح بإنكار صدورِ الإشراك عنهم في الدنيا ، أي انظر كيف كذبوا على أنفسهم في قولهم ذلك ، فإنه أمرٌ عجيب في الغاية ، وأما حملُه على كِذْبهم في الدنيا فتمحُّلٌ يجب تنزيه ساحة التنزيل عنه وقوله تعالى : { وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كَانُوا يَفْتَرُونَ } عطف على كذَبوا داخلٌ معه في حكم التعجيب ، و( ما ) مصدريةٌ أو موصولةٌ قد حُذف عائدُها ، والمعنى انظر كيف كذَبوا باليمين الفاجرةِ المغلَّظة على أنفسهم بإنكار صدور ما صدر عنهم ، وكيف ضل عنهم أي زال وذهب افتراؤهم أو ما كانوا يفترونه من الإشراك حتى نفَوا صدوره عنهم بالكلية ، وتبرأوا منه بالمرة . وقيل : ( ما ) عبارةٌ عن الشركاء ، وإيقاعُ الافتراء عليها مع أنه في الحقيقة واقعٌ على أحوالها من الإلهية والشِرْكة والشفاعة ونحوِها للمبالغة في أمرها كأنها نفسُ المفترى ، وقيل : الجملة كلامٌ مستأنفٌ غيرُ داخلٍ في حيز التعجيب .