اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

قوله : { انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } " كيف " مَنْصُوبٌ على حدِّ نصبها في قوله : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ } [ البقرة : 28 ] وقد تقدَّم .

و " كيف " وما بعدها في محل نصب ب " انظر " ؛ لأنها معلقةٌ لها عن العملِ ، و " كَذَبُوا " وإن كان معناه مُسْتَقْبلاً ، لأنه في يوم القيامة ، فهو لتَحَقُّقِهِ أبرزه في صورة الماضي .

وقوله : " وضَلَّ " يجوز أن يكون نَسَقاً على " كذبوا " ، فيكون داخلاً في حيِّزِ النَّظَرِ ، ويجوز أن يكون اسْتِئنْافَ إخبارٍ ، فلا يندرج في حيِّز المنظور إليه .

قوله : ما كانُوا " يجوز في " ما " أن تكون مصدريةً ، أي : وضَلَّ عنهم افتراؤهم ، وهو قول ابن عطية ويجوز أن تكون موصولة اسمية أي : وضل عنهم الذي كانوا يفترونه ، فعلى الأول يحتاج إلى ضمير عائدٍ على " ما " عند الجمهور ، وعلى الثاني لا بُدَّ من ضمير عند الجميع .

ومعنى الآية : انظر كيف كذبُوا على أنفسهم باعْتِذَارهم بالباطل وتَبرِّيهمْ عن الشرك .

و " ضلَّ عنهم " : زَالَ وذهب ما كانوا يفترون من الأصنام ، وذلك أنهم كانوا يَرْجُونَ شَفَاعَتَهَا ونُصْرَتَهَا ، فبطل ذلك كله .