فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

{ انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ } بإنكار ما وقع منهم في الدنيا من الشرك ، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي زال وذهب افتراؤهم وتلاشى ، وبطل ما كانوا يظنونه من أن الشركاء يقرّبونهم إلى الله . هذا على أنّ «ما » مصدرية . وقيل هي موصولة عبارة عن الآلهة أي فارقهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلم يغن عنهم شيئاً ، وهذا تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حالهم المختلفة ودعواهم المتناقضة . وقيل لا يجوز أن يقع منهم كذب في الآخرة ؛ لأنها دار لا يجري فيها غير الصدق ، فمعنى { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } نفي شركهم عند أنفسهم ، وفي اعتقادهم ، ويؤيد هذا قوله تعالى : { وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً } .

/خ28