{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ } أي : من هؤلاء المحاربين ، { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي : فيسقط عنه ما كان لله ، من تحتم القتل والصلب والقطع والنفي ، ومن حق الآدمي أيضا ، إن كان المحارب كافرا ثم أسلم ، فإن كان المحارب مسلما فإن حق الآدمي ، لا يسقط عنه من القتل وأخذ المال . ودل مفهوم الآية على أن توبة المحارب -بعد القدرة عليه- أنها لا تسقط عنه شيئا ، والحكمة في ذلك ظاهرة .
وإذا كانت التوبة قبل القدرة عليه ، تمنع من إقامة الحد في الحرابة ، فغيرها من الحدود -إذا تاب من فعلها ، قبل القدرة عليه- من باب أولى .
فإذا ارتدع هؤلاء الخارجون المفسدون عن غيهم وفسادهم ، نتيجة استشعارهم نكارة الجريمة ، وتوبة منهم إلى الله ورجوعا إلى طريقه المستقيم - وهم ما يزالون في قوتهم ، لم تنلهم يد السلطان - سقطت جريمتهم وعقوبتها معا ، ولم يعد للسلطان عليهم من سبيل ، وكان الله غفورا لهم رحيما بهم في الحساب الأخير :
( إلا الذين تابوا - من قبل أن تقدروا عليهم - فاعلموا أن الله غفور رحيم ) . .
والحكمة واضحة في إسقاط الجريمة والعقوبة في هذه الحالة عنهم من ناحيتين :
الأولى : تقدير توبتهم - وهم يملكون العدوان - واعتبارها دليل صلاح واهتداء . .
والثانية : تشجيعهم على التوبة ، وتوفير مؤنة الجهد في قتالهم من أيسر سبيل .
والمنهج الإسلامي يتعامل مع الطبيعة البشرية بكل مشاعرها ومساربها واحتمالاتها ؛ والله الذي رضي للمسلمين هذا المنهج هو بارى ء هذه الطبيعة ، الخبير بمسالكها ودروبها ، العليم بما يصلحها وما يصلح لها . . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ . .
{ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } استثناء مخصوص بما هو حق الله سبحانه وتعالى ويدل عليه قوله تعالى : { فاعلموا أن الله غفور رحيم } أما القتل قصاصا فإلى الأولياء يسقط بالتوبة وجوبه لا جوازه ، وتقييد التوبة بالتقدم على القدرة يدل على أنها بعد القدرة لا تسقط الحد وإن أسقطت العذاب ، وأن الآية في قطاع المسلمين لأن توبة المشرك تدرأ عنه العقوبة قبل القدرة وبعدها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.