{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } لأن الله منحهم من العلم ، ما به يعرفون الحق من الباطل ، والرشد من الغي ، فيميزون بين الأمرين ، الحق المستقر ، الذي يحكمه الله ، والباطل العارض الذي ينسخه الله ، بما على كل منهما من الشواهد ، وليعلموا أن الله حكيم ، يقيض بعض أنواع الابتلاء ، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة ، { فَيُؤْمِنُوا بِهِ } بسبب ذلك ، ويزداد إيمانهم عند دفع المعارض والشبه .
{ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } أي : تخشع وتخضع ، وتسلم لحكمته ، وهذا من هدايته إياهم ، { وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِي الَّذِينَ آمَنُوا } بسبب إيمانهم { إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } علم بالحق ، وعمل بمقتضاه ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهذا النوع من تثبيت الله لعبده .
وهذه الآيات ، فيها بيان أن للرسول صلى الله عليه وسلم أسوة بإخوانه المرسلين ، لما وقع منه عند قراءته صلى الله عليه وسلم : { والنجم } فلما بلغ { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } ألقى الشيطان في قراءته : " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن{[542]} لترتجى " فحصل بذلك للرسول حزن وللناس فتنة ، كما ذكر الله ، فأنزل الله هذه الآيات .
{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ } أي : وليعلم الذين أوتوا العلم النافع الذي يفرقون به بين الحق والباطل ، المؤمنون بالله ورسوله ، أن ما أوحيناه إليك هو الحق من ربك ، الذي أنزله بعلمه وحفظه وحرسه أن يختلط به غيره ، بل هو كتاب حكيم ، { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] .
وقوله : { فَيُؤْمِنُوا بِهِ } أي : يصدقوه وينقادوا له ، { فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } أي : تخضع وتذل ، { وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فيرشدهم إلى الحق واتباعه ، ويوفقهم لمخالفة الباطل واجتنابه ، وفي الآخرة يهديهم [ إلى ]{[20377]} الصراط المستقيم ، الموصل إلى درجات الجنات ، ويزحزحهم عن العذاب الأليم والدركات .
و { الذين أوتوا العلم } هم أصحاب محمد رسول الله عليه السلام ، والضمير في { أنه } عائد على القرآن و «تخبت » معناه تتطامن وتخضع وهو مأخوذ من الخبث وهو المطمئن من الأرض ، وقرأت فرقة «لهاد » بغير ياء بعد الدال ، وقرأت فرقة : «لهادي » بياء ، وقرأت فرقة «لهادٍ » بالتنوين وترك الإضافة وهذه الآية معادلة لقوله ، قبل { وإن الظالمين لفي شقاق بعيد } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.