تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

{ 79 } { أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .

أي : لأنهم المنتفعون بآيات الله المتفكرون فيما جعلت آية عليه ، وأما غيرهم فإن نظرهم نظر لهو وغفلة ، ووجه الآية فيها أن الله تعالى خلقها بخلقة تصلح للطيران ، ثم سخر لها هذا الهواء اللطيف ، ثم أودع فيها من قوة الحركة وما قدرت به على ذلك ، وذلك دليل على كمال حكمته وعلمه الواسع ، وعنايته الربانية بجميع مخلوقاته ، وكمال اقتداره ، تبارك الله رب العالمين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

77

وعجيبة أخرى من آثار القدرة الإلهية يرونها فلا يتدبرونها وهي مشهد عجيب معروض للعيون :

( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ، ما يمسكهن إلا الله . إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) . .

ومشهد الطير مسخرات في جو السماء مشهد مكرور ، قد ذهبت الألفة بما فيه من عجب ، وما يتلفت القلب البشري عليه إلا حين يستيقظ ، ويلحظ الكون بعين الشاعر الموهوب . وإن تحليقة طائر في جو السماء لتستجيش الحس الشاعر إلى القصيدة حين تلمسه . فينتفض للمشهد القديم الجديد . . ( ما يمسكهن إلا الله )بنواميسه التي أودعها فطرة الطير وفطرة الكون من حولها ، وجعل الطير قادرة على الطيران ، وجعل الجو من حولها مناسبا لهذا الطيران ؛ وأمسك بها الطير وهي في جو السماء : إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون . . فالقلب المؤمن هو القلب الشاعر ببدائع الخلق والتكوين ، المدرك لما فيها من روعة باهرة تهز المشاعر وتستجيش الضمائر . وهو يعبر عن إحساسه بروعة الخلق ، بالإيمان والعبادة والتسبيح ؛ والموهوبون من المؤمنين هبة التعبير ، قادرون على إبداع ألوان من رائع القول في بدائع الخلق والتكوين ، لا يبلغ إليها شاعر لم تمس قلبه شرارة الإيمان المشرق الوضيء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

ثم نبه تعالى عباده إلى{[16616]} النظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض ، كيف جعله يطير بجناحيه بين السماء والأرض ، في جو السماء ما يمسكه هناك إلا الله بقدرته تعالى ، الذي جعل فيها قوًى تفعل ذلك ، وسخر الهواء يحملها ، ويسر الطير لذلك ، كما قال تعالى في سورة الملك : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } [ الملك : 19 ] . وقال هاهنا : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .


[16616]:في ف: "على".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

{ ألم يروا إلى الطير } ، قرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بالتاء على أنه خطاب للعامة . { مسخّرات } ، مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المؤاتية له . { في جوّ السماء } ، في الهواء المتباعد من الأرض . { ما يمسكهن } فيه ، { إلا الله } ، فإن ثقل جسدها يقتضي سقوطها ، ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها . { إن في ذلك لآيات } ، تسخير الطير للطيران بأن خلقها خلقة يمكن معها الطيران ، وخلق الجو بحيث يمكن الطيران فيه ، وإمساكها في الهواء على خلاف طبعها . { لقوم يؤمنون } ؛ لأنهم هم المنتفعون بها .