تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

ويتضمن ذلك سؤال الجنة ، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة ، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم ، دعوا الله بأهم الأمور عندهم ، { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي : لحصوله على السخط من الله ، ومن ملائكته ، وأوليائه ، ووقوع الفضيحة التي لا نجاة منها ، ولا منقذ منها ، ولهذا قال : { وما للظالمين من أنصار } ينقذونهم من عذابه ، وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

180

ثم تتوالى الحركات النفسية ، تجاه لمسات الكون وإيحاءاته .

( فقنا عذاب النار . ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته . وما للظالمين من أنصار ) .

فما العلاقة الوجدانية ، بين إدراك ما في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار من حق ، وبين هذه الارتعاشة المنطلقة بالدعاء الخائف الواجف من النار ؟

إن إدراك الحق الذي في تصميم هذا الكون وفي ظواهره ، معناه - عند أولي الألباب - أن هناك تقديرا وتدبيرا ، وأن هناك حكمة وغاية ، وأن هناك حقا وعدلا وراء حياة الناس في هذا الكوكب . ولا بد إذن من حساب ومن جزاء على ما يقدم الناس من أعمال . ولا بد إذن من دار غير هذه الدار يتحقق فيها الحق والعدل في الجزاء .

فهي سلسلة من منطق الفطرة والبداهة ، تتداعى حلقاتها في حسهم على هذا النحو السريع . لذلك تقفز إلى خيالهم صورة النار ، فيكون الدعاء إلى الله أن يقيهم منها ، هو الخاطر الأول ، المصاحب لإدراك الحق الكامن في هذا الوجود . . وهي لفتة عجيبة إلى تداعي المشاعر عند ذوي البصائر . . ثم تنطلق ألسنتهم بذلك الدعاء الطويل ، الخاشع الواجف الراجف المنيب ، ذي النغم العذب ، والإيقاع المنساب ، والحرارة البادية في المقاطع والأنغام !

ولا بد من وقفة أمام الرجفة الأولى وهم يتجهون إلى ربهم ليقيهم عذاب النار . . لا بد من وقفة أمام قولهم :

( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) . . ( وما للظالمين من أنصار ) . .

إنها تشي بأن خوفهم من النار ، إنما هو خوف - قبل كل شيء - من الخزي الذي يصيب أهل النار . وهذه الرجفة التي تصيبهم هي أولا رجفة الحياء من الخزي الذي ينال أهل النار . فهي ارتجافة باعثها الأكبر الحياء من الله ، فهم أشد حساسية به من لذع النار ! كما أنها تشي بشعور القوي بأنه لا ناصر من الله ، وأن الظالمين ما لهم من أنصار . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

ثم قالوا : { رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } أي : أهنته وأظهرت خزيه لأهل الجمع { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } أي : يوم القيامة لا مُجِير لهم منك ، ولا مُحِيد لهم عما أردت بهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

{ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } غاية الإخزاء ، وهو نظير قولهم : من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك ، والمراد به تهويل المستعاذ منه تنبيها على شدة خوفهم وطلبهم الوقاية منه ، وفيه إشعار بأن العذاب الروحاني أفظع . { وما للظالمين من أنصار } أراد بهم المدخلين ، ووضع المظهر موضع المضمر للدلالة على أن ظلمهم سبب لإدخالهم النار وانقطاع النصرة عنهم في الخلاص منها ، ولا يلزم من نفي النصرة نفي الشفاعة لأن النصر دفع بقهر .