تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

إلا من من الله عليه بالإيمان والعمل الصالح ، والأخلاق الفاضلة العالية .

{ فَلَهُمْ } بذلك المنازل العالية ، و { أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير مقطوع ، بل لذات متوافرة ، وأفراح متواترة ، ونعم متكاثرة ، في أبد لا يزول ، ونعيم لا يحول ، أكلها دائم وظلها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) . . فهؤلاء هم الذين يبقون على سواء الفطرة ، ويكملونها بالإيمان والعمل الصالح ، ويرتقون بها إلى الكمال المقدر لها ، حتى ينتهوا بها إلى حياة الكمال في دار الكمال . ( فلهم أجر غير ممنون )دائم غير مقطوع .

فأما الذين يرتكسون بفطرتهم إلى أسفل سافلين ، فيظلون ينحدرون بها في المنحدر ، حتى تستقر في الدرك الأسفل . هناك في جهنم ، حيث تهدر آدميتهم ، ويتمحضون للسفول !

فهذه وتلك نهايتان طبيعيتان لنقطة البدء . . إما استقامة على الفطرة القويمة ، وتكميل لها بالإيمان ، ورفع لها بالعمل الصالح . . فهي واصلة في النهاية إلى كمالها المقدر في حياة النعيم . . وإما انحراف عن الفطرة القويمة ، واندفاع مع النكسة ، وانقطاع عن النفخة الإلهية . . فهي واصلة في النهاية إلى دركها المقرر في حياة الجحيم .

ومن ثم تتجلى قيمة الإيمان في حياة الإنسان . . إنه المرتقى الذي تصل فيه الفطرة القويمة إلى غاية كمالها . إنه الحبل الممدود بين الفطرة وبارئها . إنه النور الذي يكشف لها مواقع خطاها في المرتقى الصاعد إلى حياة الخالدين المكرمين .

وحين ينقطع هذا الحبل ، وحين ينطفئ هذا النور ، فالنتيجة الحتمية هي الارتكاس في المنحدر الهابط إلى أسفل سافلين ، والانتهاء إلى إهدار الآدمية كلية ، حين يتمحض الطين في الكائن البشري ، فإذا هو وقود النار مع الحجارة سواء بسواء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

وقوله : { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير مقطوع ، كما تقدم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم استثنى ، فقال : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون } يعني غير منقوص ، لا يمن به عليهم ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله : "إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ"؛ اختلف أهل التأويل في معنى هذا الاستثناء؛

فقال بعضهم : هو استثناء صحيح من قوله ( ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ )... عن عكرمة ، قال : ( كان يقال ) : من قرأ القرآن لم يُردّ إلى أرذل العمر ، ثم قرأ : ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَن تَقْوِيمٍ ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ إلا الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ) قال : لا يكونُ حتى لا يعلَم من بعد علم شيئا .

فعلى هذا التأويل قوله : ( ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ ) لخاصّ من الناس ، غير داخل فيهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لأنه مستثنى منهم .

وقال آخرون : بل الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد يدخلون في الذين رُدّوا إلى أَسْفَل سافلين ، لأن أرذْل العُمر قد يردّ إليه المؤمن والكافر . قالوا : وإنما استثنى قوله : ( إلاّ الّذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ) من معنى مضمر في قوله : ( ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ ) قالوا : ومعناه : ثم رددناه أسفل سافلين ، فذهبت عقولهم وخَرِفوا ، وانقطعت أعمالهم ، فلم تثبت لهم بعد ذلك حسنة ( إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصّالِحاتِ ) فإن الذي كانوا يعملونه من الخير ، في حال صحة عقولهم ، وسلامة أبدانهم ، جارٍ لهم بعد هَرَمهم وخَرَفهم .

وقد يُحتمل أن يكون قوله : ( إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصّالِحاتِ ) استثناء منقطعا ، لأنه يحسن أن يقال : ثم رددناه أسفل سافلين ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لهم أجر غير ممنون ، بعد أن يردّ أسفل سافلين ... عن ابن عباس ( إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أجْرٌ غَيرُ مَمْنُونِ ) قال : فأيّما رجل كان يعمل عملاً صالحا وهو قويّ شاب ، فعجز عنه ، جرى له أجر ذلك العمل حتى يموت ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ( إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ) فإنه يُكتب لهم حسناتهم . ويُتجاوز لهم عن سيئاتهم ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم رددناه أسفل سافلين في جهنم ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فلهم أجر غير ممنون ...

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة ، قول من قال : معناه : ثم رددناه إلى أرذل العمر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم ، فلهم أجر غير ممنون بعد هَرَمهم ، كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم ، في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة لما وصفنا من الدلالة على صحة القول بأن تأويل قوله : ( ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَل سافِلِينَ )إلى أرذل العمر .

واختلفوا في تأويل قوله : "غَيرُ مَمْنُونٍ"؛

فقال بعضهم : معناه : لهم أجر غير منقوص ...

وقال آخرون : بل معناه : غير محسوب ...

وقد قيل : إن معنى ذلك : فلهم أجر غير مقطوع .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : فلهم أجر غير منقوص ، كما كان له أيام صحته وشبابه ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله بالشيخوخة والهرم ، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة على تخاذل نهوضهم . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أخبر أن { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وإن نال بعضهم هذا في الدنيا { فلهم } في الآخرة { أجر غير ممنون } .. ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ إلا الذين آمنوا } أي بالله ورسله فكانوا من ذوي البصائر والمعارف ، فغلبنا بلطفنا عقولهم بما دعت إليه وأعانت عليه الفطرة الأولى على شهواتهم ، وحميناهم من أرذل العمر ، فكانوا كلما زدناهم سناً زدنا أنوار عقولهم ونقصنا نار شهواتهم بما أضعفنا من إحكام طبائعهم وتعلقهم بهذا العالم ...{ وعملوا } أي تصديقاً لدعواهم الإيمان { الصالحات } أي من محاسن الأعمال من الأقوال والأفعال ثابتة الأركان على أساس الإيمان ، ... { فلهم } أي فتسبب عن ذلك أن كان لهم في الدارين على ما وفقوا له مما يرضيه سبحانه وتعالى { أجر } أي عظيم جداً وهو مع ذلك { غير ممنون } أي مقطوع أو يمن عليهم به حتى في حالة المرض والهرم لكونهم سعوا في مرضاة الله سبحانه وتعالى ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) . . فهؤلاء هم الذين يبقون على سواء الفطرة ، ويكملونها بالإيمان والعمل الصالح ، ويرتقون بها إلى الكمال المقدر لها ، حتى ينتهوا بها إلى حياة الكمال في دار الكمال . ( فلهم أجر غير ممنون )دائم غير مقطوع ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والممنون : الذي يُمنّ على المأجُور به ، أي لهم أجر لا يشوبه كدر ، ولا كدر أن يمنّ على الذي يعطاه بقول : هذا أجرك ، أو هذا عطاؤك ، فالممنون مَفْعول مَنّ عليه ...