تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته ، أنه يفرح ويبطر ، ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير ، ويقول : { ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } أي : فرح{[425]}  بما أوتي مما يوافق هوى نفسه ، فخور بنعم الله على عباد الله ، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس ، والتكبر على الخلق ، واحتقارهم وازدرائهم ، وأي عيب أشد من هذا ؟ "

وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو ، إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده ،


[425]:- في ب: يفرح.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

1

وهو فرح بطر بمجرد أن يجاوز الشدة إلى الرخاء . لا يحتمل في الشدة ويصبر ويؤمل في رحمة الله ويرجو فرجه ؛ ولا يقتصد في فرحه وفخره بالنعمة أو يحسب لزوالها حسابا . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

يخبر تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة ، إلا من رحم الله من عباده المؤمنين ، فإنه إذا أصابته شدة بعد نعمة ، حصل له يأس{[14511]} وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل ، وكفر وجحود لماضي الحال ، كأنه لم ير خيرا ، ولم يَرْج{[14512]} بعد ذلك فرجا . وهكذا إن{[14513]} أصابته نعمة بعد نقمة { لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي } أي : يقول : ما بقي ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء ، { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } أي : فرح بما في يده ، بطر فخور على غيره .


[14511]:- في ت : "إياس".
[14512]:- في ت ، أ : "ولا يرجوا".
[14513]:- في ت : "إذا".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرّآءَ مَسّتْهُ لَيَقُولَنّ ذَهَبَ السّيّئَاتُ عَنّيَ إِنّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أُوْلََئِكَ لَهُمْ مّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولئن نحن بسطنا للإنسان في دنياه ، ورزقناه رخاء في عيشه ، ووسعنا عليه في رزقه وذلك هي النعم التي قال الله جلّ ثناؤه : وَلَئِنْ أذَقْناهُ نَعْماءَ . وقوله : بَعْدَ ضَرّاءَ يقول : بعد ضيق من العيش كان فيه وعسرة كان يعالجها . لَيَقُولَنّ ذَهَبَ السّيّئاتُ عَنّي يقول تعالى ذكره : ليقولنّ عند ذلك : ذهب الضيق والعسرة عني ، وزالت الشدائد والمكاره . إنّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ يقول تعالى ذكره : إن الإنسان لفرح بالنعم التي يُعطاها مسرور بها فخور ، يقول : ذو فخر بما نال من السعة في الدنيا وما بسط له فيها من العيش ، وينسي صروفها ونكد العوارض فيها ، ويدع طلب النعيم الذي يبقي والسرور الذي يدوم فلا يزول .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ذَهَبَ السّيّئاتُ عَنّي غرّة بالله وجراءة عليه . إنّهُ لَفَرِحٌ والله لا يحبّ الفرحين ، فَخُورٌ بعد ما أعطي الله ، وهو لا يشكر الله .

ثم استثني جلّ ثناؤه من الإنسان الذي وصفه بهاتين الصفتين الذين صبروا وعملوا الصالحات . وإنما جاز استثناؤهم منه لأن الإنسان بمعنى الجنس ومعنى الجمع ، وهو كقوله : وَالعَصْرِ إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فقال تعالى ذكره : إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات ، فإنهم إن تأتهم شدّة من الدنيا وعسرة فيها لم يثنهم ذلك عن طاعة الله ، ولكنهم صبروا لأمره وقضائه ، فإن نالوا فيها رخاء وسعة شكروه وأدّوا حقوقه بما أتاهم منها . يقول الله : أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ يغفرها لهم ، ولا يفضحهم بها في معادهم . وأجْرٌ كَبِيرٌ يقول : ولهم من الله مع مغفرة ذنوبهم ثواب على أعمالهم الصالحة التي عملوها في دار الدنيا جزيل ، وجزاء عظيم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : إلا الذين صبروا عند البلاء وعملوا الصالحات عند النعمة ، لهم مغفرة لذنوبهم ، وأجر كبير . قال : الجنة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

و «النعماء » تشمل الصحة والمال ونحو ذلك و «الضراء » من الضر وهو أيضاً شامل . وقد يكثر استعمال الضراء فيما يخص البدن .

ولفظة { ذهب السيئات عني } تقتضي بطراً وجهلاً أن ذلك بإنعام من الله ، واعتقاد أن ذلك اتفاق أو بسعد من الاعتقادات الفاسدة ، وإلا فلو قالها من يعتقد أن ذهابها بإنعام من الله وفضل ، لم يقع ذلك .

و { السيئات } ها هنا كل ما يسوء في الدنيا .

وقرأت فرقة «لفرِح » بكسر الراء ، وقرأت فرقة : لفرُح «بضمها ، وهذا الفرح مطلق ، ولذلك ذم ، إذ الفرح انهمال النفس : ولا يأتي الفرح في القرآن ممدوحاً إلا إذا قيد بأنه في خير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

هذه الجملة تتميم للّتي قبلها لأنها حكت حالة ضدّ الحالة في الّتي قبلها ، وهي جملة قسم وشرط وجواب قسم كما تقدم في نظائرها .

وضمير { أذقناه } المنصوب عائد إلى الإنسان فتعريفه كتعريف معاده للاستغراق بالمعنى المتقدم .

والنعماء بفتح النون وبالمد النعمة واختير هذا اللفظ هنا وإن كان لفظ النعمة أشهر لمحسن رعي النظير في زنة اللّفظين النعماء والضراء . والمراد هنا النعمة الحاصلة بعد الضراء .

والمس مستعمل في مطلق الإصابة على وجه المجاز . واختيار فعل الإذاقة لما تقدم ، واختيار فعل المس بالنسبة إلى إدراك الضرّاء إيماء إلى أنّ إصابة الضرّاء أخفّ من إصابة النّعماء ، وأن لطف الله شامل لعباده في كلّ حال .

وأكّدَت الجملة باللاّم الموطئة للقَسَم وبنون التّوكيد في جملة جواب القسم لمثل الغرض الذي بيّنّاه في الجملة السابقة .

وجعل جواب القسم القول للإشارة إلى أنّه تبجحٌ وتفاخر ، فالخبر في قوله : { ذهب السيئات عنّي } مستعمل في الازدهاء والإعجاب ، وذلك هو مقتضى زيادة { عنّي } متعلقاً ب { ذهب } للإشارة إلى اعتقاد كل واحد أنّه حقيق بأن تَذهب عنه السيّئات غروراً منه بنفسه ، كما في قوله : { ولئن أذقناه رحمةً منّا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمةً ولئن رجعت إلى ربّي إن لي عندَه لَلْحسنى } [ فصلت : 50 ] .

وجملة { إنّه لفرح فخور } استئناف ابتدائي للتعجيب من حاله ، و ( فرح وفخور ) مثالاَ مبالغة ، أي لشديد الفرح شديد الفخر . وشدة الفرح : تجاوزه الحد وهو البطر والأشَر ، كما في قوله : { إنّ اللّهَ لاَ يُحبُّ الْفَرحين } [ القصص : 76 ] .

والفخر : تباهي المرء على غيره بما له من الأشياء المحبوبة للنّاس .

والمعنى أنّه لا يشكر الله على النعمة بعد البأساء وَمَا كان فيه من الضرّاء فلا يتفكر في وجود خالق الأسباب وَنَاقل الأحوال ، والمخالف بين أسبابها . وفي معنى الآيتين قولُه في سورة [ الشورى : 48 ] { وَإنّا إذا أذقنا الإنسانَ منّا رحمةً فَرحَ بهَا وإن تصبهم سيئةٌ بما قدمت أيديهم فإنّ الإنسانَ كفور . }