فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

وفي التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه ، لأن الإذاقة والذوق : أقلّ ما يوجد به الطعم ، والنعماء : إنعام يظهر أثره على صاحبه ، والضرّاء : ظهور أثر الإضرار على من أصيب به . والمعنى : أنه إن أذاق الله سبحانه العبد نعماءه من الصحة والسلامة ، والغنى بعد أن كان في ضرّ من فقر أو مرض أو خوف ، لم يقابل ذلك بما يليق به من الشكر لله سبحانه ، بل يقول ذهب السيئات : أي المصائب التي ساءته من الضرّ والفقر والخوف والمرض عنه وزال أثرها ، غير شاكر لله ، ولا مثن عليه بنعمه { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور } أي : كثير الفرح بطراً وأشراً ، كثير الفخر على الناس ، والتطاول عليهم بما يتفضل الله به عليه من النعم ، وفي التعبير عن ملابسة الضرّ له بالمس مناسبة للتعبير في جانب النعماء بالإذاقة ، فإن كلاهما لأدنى ما يطلق عليه اسم الملاقاة ، كما تقدّم { إِلاَّ الذين صَبَرُواْ } .

/خ17