غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ نَعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّيٓۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٞ فَخُورٌ} (10)

1

ثم حكى ضعف حال الإنسان في حالتي السراء والضراء فقال : { ولئن أذقنا الإنسان } الآية . واختلف المفسرون فقيل : الإنسان مطلق بدليل صحة الاستثناء في قوله : { إلا الذين آمنوا } ولأن هذا النوع مجبول على الضعف والنقص والعجلة وقلة الثبات . وقيل : المراد الكافر ، والاستثناء منقطع واللام للعهد . وقد مر ذكر الكافر ، ولأن وصف اليأس والكفران والفرح المفرط بالأمور الزائلة والفخر بها لا يليق إلا بالكافر ، وذلك أنه يعتقد أن السبب في حصول تلك النعم من الأمور الاتفاقية ، فإذا زالت استبعد حدوثها مرة أخرى فيقع في اليأس الشديد ، وعند حصولها كان ينسبها إلى الاتفاق فلا يشكر الله بل يكفره .

وإذا انتقل من مكروه إلى محبوب ومن محنة إلى منحة اشتد فرحه بذلك وافتخر بها لذهوله عن السعادات الأخروية الروحانية فيظن أنه قد فاز بغاية الأماني ونهاية المقاصد .

وأما المؤمن فحاله على العكس ولذلك استحق وعد الله بالمغفرة والأجر الكبير .

أما تفسير الألفاظ فالإذاقة والذوق أقل ما يوجد به الطعم ، وفيه دليل على أن الإنسان لا يصبر عن أقل القليل ولا عليه ، وفيه أن جميع نعم الدنيا في قلة الاعتبار وسرعة الزوال تشبه حلم النائمين وخيالات المبرسمين . والرحمة والنعمة من صحة أو أمن أو جدة ، ونزعها سلبها . واليؤوس والكفور بناءان للمبالغة .

والنعماء إنعام يظهر أثره على صاحبه ، والضراء مضرة كذلك . قال الواحدي لأنها أخرجت مخرج الأحوال الظاهرة نحو حوراء وعوراء . والسيئات يريد بها المصائب التي ساءته .

/خ24