تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

{ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } أي : للحالة العسرة ، والخصال الذميمة ، بأن يكون ميسرًا للشر أينما كان ، ومقيضًا له أفعال المعاصي ، نسأل الله العافية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

ويستحق أن يعسر الله عليه كل شيء ، فييسره للعسرى ! ويوفقه إلى كل وعورة ! ويحرمه كل تيسير ! ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد . ويصعد به في طريق الشقاوة . وإن حسب أنه سائر في طريق الفلاح . وإنما هو يعثر فيتقي العثار بعثرة أخرى تبعده عن طريق الله ، وتنأى به عن رضاه . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

{ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } أي : لطريق الشر ، كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 11 ] ،

/خ10

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

وقوله : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى يقول تعالى ذكره : فسنهيئه في الدنيا للخَلّة العُسرى ، وهو من قولهم : قد يسرت غنم فلان : إذا ولدت وتهيأت للولادة ، وكما قال الشاعر :

هُمَا سَيّدَانا يَزْعُمانِ وإنّمَا *** يَسُودَانِنا أنْ يَسّرَتْ غَنَماهُمَا

وقيل : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أوّل الكلام من قوله : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وإذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والاَخر ذكر الشرّ ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها : العمل بما يكرهه ولا يرضاه . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر الخبر بذلك :

حدثني واصل بن عبد الأعلى وأبو كُرَيب ، قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلميّ ، عن عليّ ، قال : كُنّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنكَتَ الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ » . قلنا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «لا ، اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زائدة بن قُدامة ، عن منصور ، عن سعد بن عُبيدة عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ ، قال : كنا في جنازة في البقيع ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وجلسنا معه ، ومعه عود يَنْكُت في الأرض ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلاّ قَدْ كُتِبَ مَدْخَلُها » ، فقال القول : يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا ، فمن كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء ، فقال : «بَلِ اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ فأمّا مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ السّعادَةِ فإنّهُ يُيَسّرُ لِعَمَلِ السّعادَةِ وأمّا مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ الشّقاء فإنّهُ يُيَسّرُ للشّقاءِ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى واتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .

حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور والأعمش : أنهما سمعا سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان في جنازة ، فأخذ عودا فجعل ينكُت في الأرض ، فقال : «ما مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ أوْ مِنَ الجَنّةِ » ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ للْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور والأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فتناول شيئا من الأرض بيده ، فقال : «ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ والنّارِ » قالوا : يا نبيّ الله ، أفلا نتكل ؟ قال : «لا اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى . . . الاَيتين .

قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن عبد الملك بن سَمُرة بن أبي زائدة ، عن النّزّال بن سَبْرَةَ ، قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلاّ قَدْ كَتَبَ اللّهُ عَلَيْها ما هِيَ لاقِيَتُهُ » وأعرابي عند النبيّ صلى الله عليه وسلم مُرتاد ، فقال الأعرابيّ : فما جاء بي أضرب من وادي كذا وكذا ، إن كان قد فُرِغ من الأمر ؟ فنكت النبيّ صلى الله عليه وسلم في الأرض ، حتى ظنّ القوم أنه ودّ أنه لم يكن تكلم بشيء منه ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «كُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ بِهِ خَيرا يَسّرَهُ لِسَبِيلِ الخَيرِ ، وَمَنْ يُرِدْ بِهِ شَرّا يَسّرَهُ لِسَبِيلِ الشّرّ » ، فلقيت عمرو بن مُرّة ، فعرضت عليه هذا الحديث ، فقال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وزاد فيه : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا حصين ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَمي ، قال : لما نزلت هذه الاَية : إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ أفي شيء نستأنفه ، أو في شيء قد فُرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ : سَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَسُنَيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .

حدثني عمرو بن عبد الملك الطائي ، قال : حدثنا محمد بن عبيدة ، قال : حدثنا الجراح ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الحجاج بن أرطأة ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن سليمان الأعمش ، رفع الحديث إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وبيده عود ينكُت به في الأرض ، فرفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ وَلا مِنَ النّاس ، إلاّ وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ أوِ النّارِ » ، قلنا : يا رسول الله أفلا نتوكل ؟ قال لهم : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ » ، ثم قال : «أما سَمِعْتُمُ اللّهَ فِي كِتابِهِ يَقُولُ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُه لِلْعُسْرَى » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى : للشرّ من الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحرث ، عن أبي الزّبير ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : يا رسول الله ، أنعمل لأمر قد فُرغ منه ، أو لأمر نأتنفه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «كُلّ عامِلٍ مُيَسّرٌ لِعَمَلِهِ » .

حدثني يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طلق بن حبيب ، عن بشير بن كعب ، قال : سأل غلامان شابان النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالا : يا رسول الله ، أنعمل فيما جفّت به الأقلام ، وجرَت به المقادير ، أو في شيء يستأنف ؟ فقال : «بَلْ فِيما جَفّتْ به الأقْلامُ ، وَجَرَتْ بهِ المَقادِيرُ » قالا : ففيم العمل إذن ؟ قال : «اعْمَلُوا ، فَكُلّ عامِلٍ مُيَسّرٌ لعَمَلِهِ الّذِي خُلِقَ لَهُ » ، قالا : فالاَن نجدّ ونعمل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

وقوله تعالى : { فسنيسره لليسرى } ومعناه : سيظهر تيسيرنا إياه يتدرج فيه من أعمال الخير وختم بتيسير قد كان في علم الله أولاً ، و «اليسرى » الحال الحسنة المرضية في الدنيا والآخرة . و «العسرى » : الحال السيئة في الدنيا والآخرة .