تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

{ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ } أي : أدخل يدك في جيبك ، وضم عليك عضدك ، الذي هو جناح الإنسان { تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي : بياضا ساطعا ، من غير عيب ولا برص { آيَةً أُخْرَى }

قال الله : { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

وصدر الأمر العلوي مرة أخرى إلى عبده موسى :

( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ) . .

ووضع موسى يده تحت إبطه . . والسياق يختار للإبط والذراع صورة الجناح لما فيها من رفرفة وطلاقة وخفة في هذا الموقف المجنح الطليق من ربقة الأرض وثقلة الجسم لتخرج بيضاء لا عن مرض أو آفة . ولكن : ( آية أخرى )مع آية العصا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

وهذا بُرهان ثان لموسى ، عليه السلام ، وهو أن الله أمره أن يدخل يده في جيبه ، كما صرح به في الآية الأخرى ، وهاهنا عبر عن ذلك بقوله : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ } وقال في مكان آخر : { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } [ القصص : 32 ] .

وقال مجاهد : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ } كفه تحت عضده .

وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان إذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها ، تخرج تتلألأ كأنها فلقة قمر .

وقوله : { تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي : من غير بَرَص ولا أذى ، ومن غير شين . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وغيرهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىَ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوَءٍ آيَةً أُخْرَىَ * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَىَ } .

يقول تعالى ذكره : واضمم يا موسى يدك ، فضعها تحت عضدك والجناحان هما اليدان ، كذلك رُوي الخبر عن أبي هُريرة وكعب الأحبار . وأما أهل العربية ، فإنهم يقولون : هما الجنبان . وكان بعضهم يستشهد لقوله ذلك بقول الراجز :

*** أضُمّهُ للصّدْرِ والجَناحِ ***

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " إلى جَناحِكَ " قال : كفه تحت عضده .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : " تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ " ذكر أن موسى عليه السلام كان رجلا آدم ، فأدخل يده في جيبه ، ثم أخرجها بيضاء من غير سوء ، من غير برص ، مثل الثلج ، ثم ردّها ، فخرجت كما كانت على لونه .

حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه .

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : حدثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، في قوله " تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله " بَيْضاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة " مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ " تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " مِنْ غيرِ سُوءٍ " قال : من غير برص .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن في قول الله : " بَيْضَاءَ مِنْ غيرِ سُوءٍ " قالَ : أخرجها الله من غير سوء ، من غير برص ، فعلم موسى أنه لقي ربه .

وقوله : " آيَةً أُخْرَى " يقول : وهذه علامة ودلالة أخرى غير الاَية التي أريناك قبلها من تحويل العصا حية تسعى على حقيقة ما بعثناك به من الرسالة لمن بعثناك إليه . ونصب آية على اتصالها بالفعل ، إذ لم يظهر لها ما يرفعها من هذه أو هي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

{ واضمم يدك إلى جناحك } إلى جنبك تحت العضد يقال لكل ناحيتين جناحان كجناحي العسكر ، استعارة من جناحي الطائر سميا بذلك لأنه يجنحهما عند الطيران . { تخرج بيضاء } كأنها مشعة . { من غير سوء } من غير عاهة وقبح ، كنى به عن البرص كما كنى بالسوأة عن العورة لأن الطباع تعافه وتنفر عنه . { آية أخرى } معجزة ثانية وهي حال من ضمير { تخرج بيضاء } أو من ضميرها ، أو مفعول بإضمار خذ أو دونك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

ثم أمره الله عز وجل أن يضم يده إلى جنبه وهو الجناح استعارة ومجازاً ومنه قول الراجز : [ الرجز ]

«أضمه للصدر والجناح » . . . {[8101]} وبعض الناس يقولون الجناح اليد وهذا كله صحيح على طريق الاستعارة ، ألا ترى أن جعفر بن أبي طالب يسمى ذا الجناحين بسبب يديه حين أقيمت له الجناحان مقام اليدين بجناح طائر{[8102]} وكل مرعوب من ظلمة أو نحوها فإنه إذا ضم يده إلى جناحه فتر رعبه وربط جأشه فجمع الله لموسى عليه السلام تفتير الرعب مع الآية في اليد ، وروي أن يد موسى خرجت بيضاء تشف وتضيء كأنها الشمس . وقوله { من غير سوء } ، أي من غير برص ولا مثله بل هو أمر ينحسر ويعود لحكم الحاجة إليه .


[8101]:لم أقف على قائل هذا الرجز، وفي اللسان (جنح): "وجناح الإنسان: يده، ويدا الإنسان: جناحاه، وفي التنزيل {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}، وفيه: {واضمم إليك جناحك من الرهب}، وقال الزجاج: معنى جناحك العضد، ويقال: اليد كلها جناح، وجمعه أجنحة وأجنح".
[8102]:هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، كان من السابقين إلى الإسلام، وقد حضر معركة مؤتة بالبلقاء في الشام، فنزل عن فرسه وقاتل، ثم حمل الراية وتقدم الصفوف فقطعت يمناه، فحملها بيسراه وقاتل فقطعت أيضا، فاحتضن الراية إلى صدره وقاتل حتى وقع شهيدا وفي جسمه نحو تسعين طعنة ورمية، وقيل: إن الله تبارك وتعالى عوضه عن يديه بجناحين في الجنة، وقال حسان فيه: فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر ولقد لقب جعفر بالطيار، روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت الجنة فرأيت جعفر يطير مع الملائكة وجناحاه مضرجان بالدم).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

هذه معجزة أخرى عَلمه الله إياها حتى إذا تحدّى فرعون وقومه عمل مثل ذلك أمام السحرة . فهذا تمرين على معجزة ثانية مُتّحِد الغرض مع إلقاء العصا .

والجناح : العضد وما تحته إلى الإبط . أطلق عليه ذلك تشبيهاً بجناح الطائر .

والضمّ : الإلصاق ، أي ألصق يدك اليمنى التي كنت ممسكاً بها العصا . وكيفية إلصاقها بجناحه أن تباشر جِلدَ جناحه بأن يدخلها في جَيْب قميصه حتى تماس بَشرة جنبه ، كما في آية سورة سليمان : { وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء } [ النّمل : 12 ] . جعل الله تغيّر لون جلد يده مماستها جناحه تشريفاً لأكثر ما يناسب من أجزاء جسمه بالفعل والانفعال .

و { بيضَاءَ } حال من ضمير { تَخْرُجُ } ، و { مِنْ غيرِ سُوءٍ } حال من ضمير { بَيْضَاء } .

ومعنى { مِنْ غير سُوءٍ } من غير مَرض مثل البَرص والبَهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لونَ بقية بشرته . وانتصب { آيةً } على الحال من ضمير { تَخْرُجُ } .