السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ} (22)

وقوله تعالى : { واضمم يدك } أي : اليمنى { إلى جناحك } أي : جنبك الأيسر تحت العضد في الإبط { تخرج بيضاء } أي : نيرة مشرقة تضيء كشعاع الشمس تعشى البصر لا بدّ فيه من حذف والتقدير واضمم يدك تنضم وأخرجها تخرج فحذف من الأوّل والثاني وأبقى مقابليهما ليدلا على ذلك إيجازاً واختصاراً وإنما احتيج إلى هذا لأنه لا يترتب على مجرد الضم الخروج و{ بيضاء } حال من فاعل تخرج وقوله تعالى : { من غير سوء } متعلق بتخرج وروي عن ابن عباس { إلى جناحك } إلى صدرك والأّول أولى كما قال الرازي لأنه يقال لكل ناحيتين جناحان كجناحي العسكر لطرفيه وجناحا الإنسان جانباه والأصل المستعار منه جناحا الطائر سميا بذلك لأنه يجنحهما أي : يميلهما عند الطيران وجناحا الإنسان عضداه فعضداه يشبهان جناحي الطير ، ولأنه قال : { تخرج بيضاء } ولو كان المراد بالجناح الصدر لم يكن لقوله : { تخرج } معنى والسوء الرداءة والقبح في كل شيء فكنى به عن البرص كما كنى عن العورة بالسوأة . والبرص أبغض شيء إلى العرب ولهم عنه نفرة عظيمة وإسماعهم لاسمه مجاجة فكان جديراً بأن يكنى عنه ولا ترى أحسن ولا أظرف ولا أخف للمفاصل من كنايات القرآن وآدابه .

يروى أنّ موسى عليه السلام كان شديد الأدمة فكان إذا أدخل يده اليمنى في جيبه فأدخلها في إبطه الأيسر وأخرجها فكانت تبرق مثل البرق وقيل مثل الشمس من غير مرض ثم إذا أردّها عادت إلى لونها الأوّل من غير نور وقوله تعالى : { آية أخرى } أي : معجزة ثابتة حال من ضمير تخرج كبيضاء .