تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

{ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } في الدنيا بسعة الأرزاق وقلتها ، واليسر والعسر والعلم والجهل والعقل والسفه وغير ذلك من الأمور التي فضل الله العباد بعضهم على بعض بها .

{ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا } فلا نسبة لنعيم الدنيا ولذاتها إلى الآخرة بوجه من الوجوه .

فكم بين من هو في الغرف العاليات واللذات المتنوعات والسرور والخيرات والأفراح ممن هو يتقلب في الجحيم ويعذب بالعذاب الأليم ، وقد حل عليه سخط الرب الرحيم وكل من الدارين بين أهلها من التفاوت ما لا يمكن أحدا عده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

والتفاوت في الأرض ملحوظ بين الناس بحسب وسائلهم وأسبابهم واتجاهاتهم وأعمالهم ، ومجال الأرض ضيق ورقعة الأرض محدودة . فكيف بهم في المجال الواسع وفي المدى المتطاول . كيف بهم في الآخرة التي لا تزن فيها الدنيا كلها جناح بعوضة ?

( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) .

فمن شاء التفاوت الحق ، ومن شاء التفاضل الضخم ، فهو هناك في الآخرة . هنالك في الرقعة الفسيحة ، والآماد المتطاولة التي لا يعلم حدودها إلا الله . وفي ذلك فليتنافس المتنافسون لا في متاع الدنيا القليل الهزيل . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

ثم قال تعالى : { انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } في الدنيا ، فمنهم الغني والفقير وبين ذلك ، والحسن والقبيح وبين ذلك ، ومن يموت صغيرًا ، ومن يعمر حتى يبقى شيخًا كبيرًا ، وبين ذلك { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا } أي : ولتفاوتهم في الدار الآخرة أكبر من الدنيا ؛ فإن منهم من يكون في الدركات في جهنم وسلاسلها وأغلالها ، ومنهم من يكون في الدرجات العُلَى ونعيمها وسرورها ، ثم أهل الدركات يتفاوتون فيما هم فيه ، كما أن أهل الدرجات يتفاوتون ، فإن الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض . وفي الصحيحين : " إن أهل الدرجات العلى ليرون أهل عليين ، كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء " {[17379]} ؛ ولهذا قال تعالى : { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا } ]{[17380]} .


[17379]:تقدم تخريجه عند تفسير الآية: 69 من سورة النساء من حديث أبي سعيد، رضي الله عنه، وفي لفظه اختلاف عن هذا اللفظ. ورواه بهذا اللفظ الحميدي في مسنده برقم (775) من حديث أبي سعيد، رضي الله عنه.
[17380]:زيادة من ف، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

القول في تأويل قوله تعالى { انظُرْ كَيْفَ فَضّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَلَلاَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : انظر يا محمد بعين قلبك إلى هذين الفريقين اللذين هم أحدهما الدار العاجلة ، وإياها يطلب ، ولها يعمل والاَخر الذي يريد الدار الاَخرة ، ولها يسعى موقنا بثواب الله على سعيه ، كيف فضّلنا أحد الفريقين على الاَخر ، بأن بصرّنا هذا رشده ، وهديناه للسبيل التي هي أقوم ، ويسرناه للذي هو أهدى وأرشد ، وخذلنا هذا الاَخر ، فأضللناه عن طريق الحقّ ، وأغشينا بصره عن سبيل الرشد وَللاَخِرَةُ أكْبَرُ دَرَجاتٍ يقول : وفريق مريد الاَخرة أكبر في الدار الاَخرة درجات بعضهم على بعض لتفاوت منازلهم بأعمالهم في الجنة وأكبر تفضيلاً بتفضيل الله بعضهم على بعض من هؤلاء الفريق الاَخرين في الدنيا فيما بسطنا لهم فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله انْظُرْ كَيْفَ فَضّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعضٍ : أي في الدنيا وَللاَخِرَةُ أكْبَرُ دَرَجاتٍ وأكْبَرُ تَفْصِيلاً وإن للمؤمنين في الجنة منازل ، وإن لهم فضائل بأعمالهم . وذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ بينَ أعْلَى أهْلِ الجَنّةِ وأسْفَلِهِمْ دَرَجَةً كالنّجْمِ يُرَى فِي مَشارِقِ الأرْضِ ومَغَارِبها » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

{ انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض } في الرزق ، وانتصاب { كيف } ب { فضلنا } على الحال . { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً } أي التفاوت في الآخرة أكبر ، لأن التفاوت فيها بالجنة ودرجاتها والنار ودركاتها .