اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

" كيف " نصب : إمَّا على التشبيه بالظرف ، وإمَّا على الحال ، وهي معلقة ل " انْظُرْ " بمعنى فكِّر ، أو بمعنى أبصرْ .

والمعنى : أنا أوصلنا إلى مؤمنٍ ، وقبضنا عن مؤمنٍ آخر ، وأوصلنا إلى كافرٍ ، وقبضنا عن كافرٍ آخر ، وقد بيَّن - تعالى - وجه الحكمة في هذا التفاوت ، فقال جلَّ ذكره : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } [ الزخرف : 32 ] .

وقال تعالى في آخر سورة الأنعام : { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } [ الأنعام : 165 ] الآية .

ثم قال تعالى : { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } أي : من درجات الدنيا ، ومن تفضيل الدنيا ، و المعنى : أن الآخرة أعظم وأشرف من الدنيا .

أي : أن المؤمنين يدخلون الجنَّة ، والكافرين يدخلون النَّار ، فتظهر فضيلة المؤمنين على الكافرين ، ونظيره قوله - تعالى- : { أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } [ الفرقان : 24 ] .