فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا} (21)

{ انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ( 21 ) }

{ انظُرْ } يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويحتمل أن يكون الخطاب لكل من له أهلية النظر والاعتبار . وهذه الجملة مقررة لما مر من الإمداد وموضحة له ، والمعنى انظر { كَيْفَ فَضَّلْنَا } في العطايا العاجلة { بَعْضَهُمْ } أي بعض العباد { عَلَى بَعْضٍ } فمن غني وفقير ، وقوي وضعيف ، وصحيح ومريض ، وعاقل وأحمق ، وذلك لحكمة بالغة تقصر العقول عن إدراكها .

{ وَلَلآخِرَةُ } اللام لام ابتداء أو قسم { أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } من الدنيا وذلك لأن نسبة التفاضل في درجات الآخرة إلى التفاضل في درجات الدنيا كنسبة الآخرة إلى الدنيا ، وليس للدنيا بالنسبة للآخرة مقدار ، فلهذا كانت الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا . وقيل المراد أن المؤمنين يدخلون الجنة والكافرين يدخلون النار ، فتظهر فضيلة المؤمن على الكافرين .

وحاصل المعنى أن التفاضل في الآخرة ودرجاتها فوق التفاضل في الدنيا ومراتب أهلها فيها من بسط وقبض ونحوهما ، وثبت في الصحيحين : ( أن أهل الدرجات العلى ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء ) {[1072]} .


[1072]:مسلم 2831 – البخاري 1540.