ونمضي مع القصة . فإذا الفئة القليلة الواثقة بلقاء الله ، التي تستمد صبرها كله من اليقين بهذا اللقاء ، وتستمد قوتها كلها من إذن الله ، وتستمد يقينها كله من الثقة في الله ، وأنه مع الصابرين . . إذا هذه الفئة القليلة الواثقة الصابرة ، الثابتة ، التي لم تزلزلها كثرة العدو وقوته ، مع ضعفها وقلتها . . إذا هذه الفئة هي التي تقرر مصير المعركة . بعد أن تجدد عهدها مع الله ، وتتجه بقلوبها إليه ، وتطلب النصر منه وحده ، وهي تواجه الهول الرعيب :
( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا : ربنا أفرغ علينا صبرا ، وثبت أقدامنا ، وانصرنا على القوم الكافرين . فهزموهم بإذن الله ، وقتل داود جالوت ، وآتاه الله الملك والحكمة ، وعلمه مما يشاء ) . .
هكذا . ( ربنا أفرغ علينا صبرا ) . . وهو تعبير يصور مشهد الصبر فيضا من الله يفرغه عليهم فيغمرهم ، وينسكب عليهم سكينة وطمأنينة واحتمالا للهول والمشقة . ( وثبت أقدامنا . ) فهي في يده - سبحانه - يثبتها فلا تتزحزح ولا تتزلزل ولا تميد . ( وانصرنا على القوم الكافرين ) . . فقد وضح الموقف . . إيمان تجاه كفر . وحق إزاء باطل . ودعوة إلى الله لينصر أولياءه المؤمنين على أعدائه الكافرين . فلا تلجلج في الضمير ، ولا غبش في التصور ، ولا شك في سلامة القصد ووضوح الطريق .
{ وَلَمّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }
يعني تعالى ذكره بقوله : وَلمّا بَرَزُوا لجالُوتَ وجُنُودِهِ ولما برز طالوت وجنوده لجالوت وجنوده . ومعنى قوله : بَرَزُوا صاروا بالبراز من الأرض ، وهو ما ظهر منها واستوى ، ولذلك قيل للرجل القاضي حاجته : تبْرز لأن الناس قديما في الجاهلية إنما كانوا يقضون حاجتهم في البراز من الأرض ، فقيل : قد تبرز فلان : إذا خرج إلى البراز من الأرض لذلك ، كما قيل تغوّط لأنهم كانوا يقضون حاجتهم في الغائط من الأرض وهو المطمئنّ منها ، فقيل للرجال : تغوّط ، أي صار إلى الغائط من الأرض . وأما قوله : رَبّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرا فإنه يعني أن طالوت وأصحابه قالوا : رَبّنا أفْرغْ عَلَيْنا صَبْرا يعني أنزل علينا صبرا . وقوله : وَثَبّتْ أقْدَامَنا يعني : وقوّ قلوبنا على جهادهم لتثبت أقدامنا فلا نهزم عنهم ، وَانْصُرْنا على القَوْمِ الكافِرِينَ : الذين كفروا بك فجحدوك إلها وعبدوا غيرك واتخذوا الأوثان أربابا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.