تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (78)

{ 78 - 80 } { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }

يخبر تعالى بمننه على عباده الداعية{[551]}  لهم إلى شكره ، والقيام بحقه فقال : { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ } لتدركوا به المسموعات ، فتنتفعوا في دينكم ودنياكم ، { وَالْأَبْصَارَ } لتدركوا بها المبصرات ، فتنتفعوا بها{[552]}  في مصالحكم .

{ وَالْأَفْئِدَةَ } أي : العقول التي تدركون بها الأشياء ، وتتميزون بها عن البهائم ، فلو عدمتم السمع ، والأبصار ، والعقول ، بأن كنتم صما عميا بكما ماذا تكون حالكم ؟ وماذا تفقدون من ضرورياتكم وكمالكم ؟ أفلا تشكرون الذي من عليكم بهذه النعم ، فتقومون بتوحيده وطاعته ؟ . ولكنكم ، قليل شكركم ، مع توالي النعم عليكم .


[551]:- كذا في ب، وفي أ: الداعي.
[552]:- كذا في ب، وفي أ: لتدركوا به المبصرات، فتنتفعون به.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (78)

53

ثم يجول معهم جولة أخرى علها توقظ وجدانهم إلى دلائل الإيمان في أنفسهم وفي الآفاق من حولهم :

( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة . قليلا ما تشكرون . وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون . وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار . أفلا تعقلون ? ) . .

ولو تدبر الإنسان خلقه وهيئته ، وما زود به من الحواس والجوارح ، وما وهبه من الطاقات والمدارك لوجد الله ، ولاهتدى إليه بهذه الخوارق الدالة على أنه الخالق الواحد . فما أحد غير الله بقادر على إبداع هذه الخلقة المعجزة في الصغير منها وفي الكبير .

هذا السمع وحده وكيف يعمل ? كيف يلتقط الأصوات ويكيفها ? وهذا البصر وحده وكيف يبصر ? وكيف يلتقط الأضواء والأشكال ? وهذا الفؤاد ما هو ? وكيف يدرك ? وكيف يقدر الأشياء والأشكال والمعاني والقيم والمشاعر والمدركات ?

إن مجرد معرفة طبيعة هذه الحواس والقوى وطريقة عملها ، يعد كشفا معجزا في عالم البشر . فكيف بخلقها وتركيبها على هذا النحو المتناسق مع طبيعة الكون الذي يعيش فيه الإنسان ؛ ذلك التناسق الملحوظ الذي لو اختلت نسبة واحدة من نسبه في طبيعة الكون أو طبيعة الإنسان لفقد الاتصال ، فما استطاعت أذن أن تلتقط صوتا ، ولا استطاعت عين أن تلتقط ضوءا . ولكن القدرة المدبرة نسقت بين طبيعة الإنسان وطبيعة الكون الذي يعيش فيه ، فتم هذا الاتصال . غير أن الإنسان لا يشكر على النعمة : ( قليلا ما تشكرون ) . . والشكر يبدأ بمعرفة واهب النعمة ، وتمجيده بصفاته ، ثم عبادته وحده ؛ وهو الواحد الذي تشهد بوحدانيته آثاره في صنعته . ويتبعه استخدام هذه الحواس والطاقات في تذوق الحياة والمتاع بها ، بحس العابد لله في كل نشاط وكل متاع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (78)

ثم ذكر تعالى نعمته على عباده في أن جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة ، وهي العقول والفهوم ، التي يدركون{[20627]} بها الأشياء ، ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى ، وأنه الفاعل المختار لما يشاء .

وقوله : { قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ } أي : وما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم ، كقوله : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] .


[20627]:- في ف : "تدركون"