اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (78)

قوله تعالى : { وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار } الآية .

العطف لا يحسن إلاّ مع المجانسة ، فأي مناسبة بين قوله : { وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار } وبين ما قبله ؟

والجواب : كأنّه تعالى لمّا بيّن مبالغة الكفار في الإعراض عن سماع الأدلة والاعتبار ، وتأمّل الحقائق قال للمؤمنين : هو الذي أعطاكم هذه الأشياء ووفّقكم لها تنبيهاً على أنَّ من لم يُعمل هذه الأعضاء فيما خلقت له فهو بمنزلة عادمها{[33234]} ، لقوله : { فَمَا أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ{[33235]} }{[33236]} [ الأحقاف : 26 ] وأفرد السمع والمراد الأسماع ثم قال : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } .

قال أبو مسلم : وليس المراد أنَّ لهم شكراً وإن قَلّ ، لكنه كما يقال للكفور والجاحد للنعمة : ما أقلّ شكر فلان {[33237]} .


[33234]:في ب: دمها. وهو تحريف.
[33235]:[الأحقاف: 26].
[33236]:انظر الفخر الرازي 23/115.
[33237]:المرجع السابق.