فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (78)

{ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ } امتنّ الله سبحانه عليهم ببعض النعم التي أعطاهم ، والمقصود به التقريع والتوبيخ بالنسبة للكافرين وتذكير النعم بالنسبة للمؤمنين وهي نعمة السمع والبصر والفؤاد فصارت هذه الأمور معهم ليسمعوا المواعظ وينظروا العبر ويتفكروا بالأفئدة فلم ينتفعوا بشيء من ذلك لإصرارهم على الكفر وبعدهم عن الحق ولم يشكروه على ذلك ولهذا قال :

{ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } أي شكرا قليلا حقيرا غير معتد به باعتبار تلك النعم الجليلة ، وقيل المعنى أنهم لا يشكرونه ألبتة لا أن لهم شكرا قليلا ، كما يقال لجاحد النعمة ما أقل شكره أي لا يشكر ، ومثل هذه الآية قوله : { فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم } وفيه تنبيه على أن من لم يعمل هذه الأعضاء فيما خلقت له فهو بمنزلة عادمها .