تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

{ وَقَالُوا } معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد : { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى ، وهي السمع لما أنزل الله ، وجاءت به الرسل ، والعقل الذي ينفع صاحبه ، ويوقفه على حقائق الأشياء ، وإيثار الخير ، والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة ، فلا سمع [ لهم ] ولا عقل ، وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان ، وأرباب الصدق والإيمان ، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلة السمعية ، فسمعوا ما جاء من عند الله ، وجاء به رسول الله ، علمًا ومعرفة وعملًا .

والأدلة العقلية : المعرفة للهدى من الضلال ، والحسن من القبيح ، والخير من الشر ، وهم -في الإيمان- بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول ، فسبحان من يختص بفضله من يشاء ، ويمن على من يشاء من عباده ، ويخذل من لا يصلح للخير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وقال الفوج الذي ألقي في النار للخَزَنة:"لَوْ كُنّا "في الدنيا "نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ" من النّذُر ما جاءونا به النصيحة، أو نعقل عنهم ما كانوا يدعوننا إليه، "ما كُنّا" اليوم "فِي أصحَابِ السّعِيرِ" يعني أهل النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل} في قوله تعالى: {بلى قد جاءنا نذير} اعتراف منهم بأنهم قد سمعوا، وعقلوا، وقوله: {لو كنا نسمع أو نعقل} ليس هو على نفي السمع والعقل، إذ قد أقروا أنهم سمعوا، وإنما هو على نفي الانتفاع بما سمعوا، أو عقلوا؛ لأن الانتفاع بالمسموع، هو الإجابة لما سمع، والانتفاع بالعقل أن يقام بوفاء ما عقل. وهم لم يجيبوا لما سمعوا، ولم يقوموا بوفاء ما عقلوا...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

في الآية للمؤمنين بشارة؛ لأنهم يسمعون ويعقلون ما يسمعون؛ فإِنَّ مَنْ سَمِعَ بالحقِّ سمع كل ما يقال عن الحق مِنْ كل مَنْ يقول عن الحق، فيحصل له الفهم لما يسمع، لأنه إذا كان من أهل الحقائق، يكون سَمْعُه من الله وبالله وفي الله...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} الإنذار سماع طالبين للحق، أي نعقله عقل متأمّلين. وقيل: إنما جمع بين السمع والعقل؛ لأنّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لا شك أنهم كانوا ذوي أسماع وعقول صحيحة، وأنهم ما كانوا صم الأسماع ولا مجانين، فوجب أن يكون المراد أنه ما كان لهم سمع الهداية ولا عقل الهداية. المسألة الثانية: احتج بهذه الآية من قال: الدين لا يتم إلا بالتعليم فقال: إنه قدم السمع على العقل تنبيها على أنه لا بد أولا من إرشاد المرشد وهداية الهادي، ثم إنه يترتب عليه فهم المستجيب وتأمله فيما يلقيه المعلم.

والجواب: أنه إنما قدم السمع لأن المدعو إذا لقي الرسول فأول المراتب أنه يسمع كلامه ثم إنه يتفكر فيه، فلما كان السمع مقدما بهذا السبب على التعقل والتفهم لا جرم قدم عليه في الذكر...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما حكى سبحانه ما قالوه للخزنة تحسراً على أنفسهم، حكى ما قالوه بعد ذلك فيما بينهم، زيادة في التحزن ومقتاً لأنفسهم بأنفسهم، فقال تعالى: {وقالوا} أي الكفرة في توبيخ أنفسهم: {لو كنا} أي بما هو لنا كالغريزة. ولما كان السمع أعظم مدارك العقل الذي هو مدار التكليف، قالوا: {نسمع} أي سماعاً ينفع بالقبول للحق والرد للباطل، {أو نعقل} أي بما أدته إلينا حاسة السمع وغيرها عقلاً ينجي وإن لم يكن سمع، وإنما قصروا الفعلين إشارة إلى أن ما كان لهم من السمع والعقل عدم، لكونه لم يدفع عنهم هذا البلاء بالقبول من الرسل لما ذكروهم به من نصائح ربهم، وشهادة الشواهد من الآيات البينات. {ما كنا} أي كونا دائماً {في أصحاب السعير} أي في عداد من أعدت له النار التي هي في غاية الاتقاد والحر والتلهب والتوقد حتى كأن بها جنوناً، وحكم بخلودهم في صحبتها، وأعظم ما في هذا من العذاب بكونهم ألجئوا إلى أن باشروا توبيخ أنفسهم ومقتها بأنفسهم، أنه لا يقبل منهم، خروجاً عن العادة في الدنيا من أن الإنسان إذا أظهر الخضوع باعترافه ولومه نفسه، وإنصافه رحم وقبل، وفي الآية أعظم فضيلة للعقل.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ولا شك في أن أقل الناس عقلاً المشركون لأنهم طرحوا ما هو سبب نجاتهم لغير معارض يعارضه في دينهم، إذ ليس في دين أهل الشرك وعيد على ما يخالف الشرك من معتقدات، ولا على ما يخالف أعمال أهله من الأعمال، فكان حكم العقل قاضياً بأن يتلقوا ما يدعوهم إليه الرسل من الإِنذار بالامتثال إذ لا معارض له في دينهم لولا الإلف والتكبر بخلاف حال أهل الأديان أتباع الرسل الذين كانوا على دين فهم يخشون إن أهملوه أن لا يغني عنهم الدين الجديد شيئاً فكانوا إلى المعذرة أقرب لولا أن الأدلة بعضها أقوى من بعض.

الشعراوي- 1419هـ.

وسائل الإدراك عندهم تعطلت، فآذانهم صمت فهي لا تسمع منهج الحق، وألسنتهم تعطلت عن نقل ما في قلوبهم، وأبصارهم لا ترى آيات الله في الكون، فآلات إدراكهم لهدى الله معطلة عندهم.