التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

{ وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ( 6 ) إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا1 وهي تفور ( 7 ) تكاد تميز من الغيظ2 كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ( 8 ) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير3 ( 9 ) وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ( 10 ) فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ( 11 ) } [ 6-11 ] .

وفي هذه الآيات إنذار للكافرين بالله وآياته : فلهم أيضا عذاب جهنم وبئست هي مصيرهم . وحينما يقبلون عليها سيرونها في حالة تبعث الرعب والفزع ، حيث يكون لها صوت مرعب من شدة فورانها ، وتكاد تتشقق وتتفجر من الغليان أو سخطا على الكفار . وكلما ألقي فيها فوج منهم سألهم الموكلون بها سؤال المندد المقرع ، عما إذا لم يكن قد أتاهم نذير يعظهم ويخوفهم من هذا المصير ، فيجيبون إجابة المتحسر النادم ، أنه قد جاءنا نذير فوقفنا منه موقف المكذب ، وسفهناه وأنكرنا أن يرسل الله رسلا للناس . وقلنا له إنه في دعواه في ضلال كبير ، فاستحققنا هذا المصير ،

ولو كنا نعقل أو نسمع ما صرنا إليه . وهكذا يعترفون بما اقترفوه من ذنوب ، فسحقا لهم وبعدا .

والآيات معطوفة على سابقاتها ومتصلة بها ، ولعل عطف الكفار على الشياطين قد قصد به تشديد التقريع ؛ فهم من طبقة واحدة ، ومصيرهم واحد . والوصف قوي مرعب ، والمحاورة المفروض حدوثها لاذعة مستحكمة . ومن شأن ذلك إثارة الفزع والندم في الكفار ، وحملهم على الارعواء ، وهو ما استهدفته الآيات .

ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية الأخيرة ، حديثا رواه الإمام أحمد عن أبي البختري الطائي ، قال : سمعت من سمع من رسول الله وقوله : ( لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم ) وحديثا آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل أحد النار إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة ) . وهذا وذاك متساوق مع ما أخبر الله به مما سيكون من اعتراف الكفار بذنوبهم واستحقاقهم للنار ، ومتصل فيما يتبادر لنا بالهدف الذي استهدفته الآيات .