اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

ثم اعترفوا بجهلهم ، فقالوا وهم في النار : { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ } من النذر يعني : الرسل ما جاءوا به «أوْ نَعْقِلُ » عنهم .

وجوز الزمخشريُّ أن يكون من كلام الرُّسل للكفرةِ ، وحكاه الكفرة للخزنةِ ، أي : قالوا لنا هذا فلم نقبلهُ{[57388]} .

قال ابن الخطيب{[57389]} : يجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار ، أي : لما قالوا ذلك الكلام قالت الخزنة لهم : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } .

قوله : { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير } .

قال ابن الخطيب{[57390]} : احتجّ بهذه الآية من قال : إنَّ الدين لا يتم إلا بالتعليم ؛ لأنه قدم السمع على العقل ، فدل على أنه لا بد أولاً من إرشاد المرشد ، غلب عليه تأمل السامع فيما ندب العلم .

وأجيب : بأنه إنما قدم السمع ؛ لأن الرسول إذا دعا ، فأول المراتب أنه يسمع كلامه ، ثم يتفكر فيه ، فلما كان السمع مقدماً على التعقل ، لا جرم قدم عليه في الذكر .

فصل فيمن فضل السمع على البصر

واحتج بهذه الآيةِ من قدم السمع على البصر ، قالوا : لأنه جعل للسمع مدخلاً في الخلاص من النار ، والفوز بالجنة ، والبصر ليس كذلك ، فوجب أن يكون السمع أفضل من البصر{[57391]} .


[57388]:ينظر: الكشاف 4/578.
[57389]:ينظر: الفخر الرازي 30/57.
[57390]:ينظر السابق.
[57391]:السابق 30/58.