غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (10)

1

ثم حكى عن أهل النار أنهم يقولون للخزنة { لو كنا نسمع } الإنذار سماع من كان طالباً للحق ، أو نعقله عقل متأمل متفكر ، { ما كنا في أصحاب السعير } . وإنما جمع بين السمع والعقل ، لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل . واحتج بالآية من فضل السمع على البصر ، لأنه تعالى جعل مناط الفوز السمع ، ولم يذكر البصر . القائل بأن الدين لا يتم إلا بالتعليم ، احتج بأنه قدم السمع على العقل تنبيهاً على أنه لا بد أولاً من إرشاد المرشد وهداية الهادي . وأجيب بأن سبب التقديم ، هو أن المكلف لا بد أن يسمع قول الرسول ثم يتفكر فيه . قال في الكشاف : ومن بدع التفاسير ، أن المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي ، ثم قال في إبطاله كأن هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين ، وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم ، وكأن من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة . قلت : الإنصاف أن نزول الآية قبل المذهبين ، لا ينافي توبيخ أهل النار يوم القيامة أنفسهم بأنهم على تلك السيرة ، وكم من قصة قد أخبر الله بوقوعها من قبل أن تقع ، وهو أحد أنواع إعجاز القرآن ، وأيضاً لا يلزم من كونهما ناجيين كون غيرهما من أهل الوعيد . وأيضاً على هذا التفسير لو صح ، يلزم كونهما من أهل النجاة قطعاً ، فينضم إلى المبشرين أفراد غير محصورة ، فضلاً عن حادي عشر فيكون دعوى انحصار المبشرين في العشرة مصادرة على المطلوب .

/خ30