تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

{ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ } أي : الذين وصفهم الإجرام وكثرة الذنوب ، { يَوْمَئِذٍ } في ذلك اليوم { مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ } أي : يسلسل كل أهل عمل من المجرمين بسلاسل من نار فيقادون إلى العذاب في أذل صورة وأشنعها وأبشعها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

28

ثم ها نحن أولاء أمام مشهد من مشاهد العذاب العنيف القاسي المذل ، يناسب ذلك المكر وذلك الجبروت :

( وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ) . .

فمشهد المجرمين : اثنين اثنين مقرونين في الوثاق ، يمرون صفا وراء صف . . مشهد مذل دال كذلك على قدرة القهار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مّقَرّنِينَ فِي الأصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىَ وُجُوهَهُمْ النّارُ * لِيَجْزِيَ اللّهُ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } .

يقول تعالى ذكره : وتعاين الذين كفروا بالله ، فاجترموا في الدنيا الشرك يومئذٍ ، يعني : يوم تُبدّل الأرض غير الأرض والسموات . مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ يقول : مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد ، وهي الوثاق من غلّ وسلسلة ، واحدها : صَفَد ، يقال منه : صفدته في الصّفَد صَفْدا وصِفادا ، والصفاد : القيد ، ومنه قول عمرو بن كلثوم .

فَآبُوا بالنّهابِ وبالسّبايا *** وأُبْنا بالمُلُوكِ مُصَفّدِينا

ومن جعل الواحد من ذلك صِفادا جمعه : صُفُدا لا أصفادا . وأما من العطاء ، فإنه يقال منه : أصفدتُهُ إصفادا ، كما قال الأعشى :

تَضَيّفْتُهُ يَوْما فأكْرَمَ مَجْلِسِي *** وأصْفَدَنِي عِنْدَ الزّمانَةِ قائِدَا

وقد قيل في العطاء أيضا : صَفَدَني صَفْدا ، كما قال النابغة الذبيانيّ :

هَذَا الثّناءُ فإنْ تَسْمَعْ لِقائِلِهِ *** فَمَا عَرَضْتُ أبَيْتَ اللّعْنَ بالصّفَدِ

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : ثني عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ يقول : في وثاق .

حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : الأصفاد : السلاسل .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال : مقرّنين في القيود والأغلال .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عليّ بن هاشم بن البريد ، قال : سمعت الأعمش ، يقول : الصفد : القيد .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مُقَرّنِينَ فِي الأصْفادِ قال : صفدت فيها أيديهم وأرجلهم ورقابهم ، والأصفاد : الأغلال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

{ المجرمين } هم الكفار ، و { مقرنين } مربوطين في قرن ، وهو الحبل الذي تشد به رؤوس الإبل والبقر ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] .

وابن اللبون إذا ما لز في قرن . . . لم يستطع صولة البزل القناعيس{[7113]}

و { الأصفاد } الأغلال ، واحدها : صفد ، يقال : صفده وأصفده وصفده : إذا غلله ، والاسم : الصفاد ، ومنه قول سلامة بن جندل : [ الوافر ]

وزيد الخيل قد لاقى صفاداً . . . يعض بساعد وبعظم ساق{[7114]}

وكذلك يقال في العطاء ، و «الصفد » العطاء ، ومنه قول النابغة .

فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد . . . {[7115]} .


[7113]:البيت لجرير، قاله في (اللسان ـ لزز وقنعس)، واللبون: التي نزل اللبن في ضرعها، وابن اللبون: ولد الناقة إذا استكمل السنة الثانية ودخل في الثانية ودخل في الثالثة لأن أمه ولدت غيره فصار لها لبن ـ ولز: ألصق وشد في قرن، والقرن: الحبل الذي تربط فيه الإبل والبقر. والبزل: جمع بازل وهو البعير الذي طلع نابه، ويكون ذلك في الثامنة أو التاسعة، والقنعاس: الجمل الضخم العظيم، وهو من صفات الذكور عند أبي عبيد، والجمع: القناعس، ويقال فيها: القناعيس.
[7114]:هو سلامة بن عمرو، من بين تميم ، فارس وشاعر مقل، والصفاد: الغل أو الوثاق يشد به الإنسان، يقول: لقد لقي زيد الخيل وثاقا يشد به شدا قويا، فكـأنما يعض من شدته على ساعديه وساقيه.
[7115]:هذا عجز بيت ، قاله النابغة في قصيدته التي يمدح بها النعمان ويعتذر إليه عما بلغه عنه، والتي مطلعها: "يا دار مية بالعلياء فالسند"'، والبيت بتمامه: هذا الثناء ـ فإن تسمع به ـ حسنا فلم أعرض ـ أبيت اللعن ـ بالصفد قول الشاعر: "فإن تسمع به" جملة معترضة بين "الثناء" و "حسنا، والباء في "به" زائدة، وأصل المعنى: هذا الثناء حسنا يأتيك، أي: هذا مديحي لك، ومعنى تسمع: تقبل، يريد أن يقول: فإن تقبله مني فهو ما أريد. و "حسنا" حال من اسم الإشارة "هذا"، و "أبيت اللعن" كلمة يخاطب بها العرب ملوكهم، و معناها: أبيت أن تفعل شيئا تلعن به، فأنت لا تفعل إلا الحسن الجميل، وأعرض: أقول كلاما أكني به عن شيء يستلزمه معناه، يريد: لم أقل شيئا فيه تعريض، و "بالصفد" معناها: بالعطاء، أي: لم أقصد بمديحي أي عطاء، بل أردت رضاك فقط. و الشاهد أن الصفد جاء بمعنى العطاء. وقد روي الشطر الأول: "هذا الثناء فإن تسمع لقائله". . .
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ} (49)

التقرين : وضع اثنين في قرن ، أي حبل .

والأصفاد جمع صِفاد بوزن كتاب ، وهو القيد والغل .