تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

{ 9 - 10 } { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }

يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان ، أنه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق ، والأولاد ، ونحو ذلك ، ثم نزعها منه ، فإنه يستسلم لليأس ، وينقاد للقنوط ، فلا يرجو ثواب الله ، ولا يخطر بباله أن الله سيردها أو مثلها ، أو خيرا منها عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

1

وبمناسبة استعجال العذاب يجول السياق جولة في نفس هذا المخلوق الإنساني العجيب ، الذي لا يثبت ولا يستقيم إلا بالإيمان :

( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور ، ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن : ذهب السيئات عني ، إنه لفرح فخور . إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ) . .

إنها صورة صادقة لهذا الإنسان العجول القاصر ، الذي يعيش في لحظته الحاضرة ، ويطغى عليه ما يلابسه ؛ فلا يتذكر ما مضى ولا يفكر فيما يلي . فهو يؤوس من الخير ، كفور بالنعمة بمجرد أن تنزع منه . مع أنها كانت هبة من الله له .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولئن أذقنا الإنسان منا رخاء وسعة في الرزق والعيش ، فبسطنا عليه من الدنيا ، وهي الرحمة التي ذكرها تعالى ذكره في هذا الموضع ، ثُمّ نَزَعْناها مِنْهُ يقول : ثم سلبناه ذلك ، فأصابته مصائب أجاحته فذهبت به إنّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ يقول : يظلّ قناطا من رحمة الله آيسا من الخير . وقوله : «يئوس » : فعول ، من قول القائل : يئس فلان من كذا فهو يئوس ، إذا كان ذلك صفة له . وقوله : «كفور » ، يقول : هو كفور لمن أنعم عليه ، قليل الشكر لربه المتفضل عليه بما كان وهب له من نعمته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَلَئِنْ أذَقْنا الإنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمّ نَزَعْناها مِنْهُ إنّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ قال : يا ابن آدم إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية فكفور لمِا بك منها ، وإذا نزعت منك يبتغ لك فراغك فيئوس من رَوْحِ الله ، قنوط من رحمته ، كذلك المرء المنافق والكافر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

{ أذقنا } ها هنا مستعارة ، لأن «الرحمة » ها هنا تعم جميع ما ينتفع به من مطعوم وملبوس وجاه وغير ذلك . و { الإنسان } ها هنا اسم الجنس والمعنى أن هذا الخلق في سجية الناس ، ثم استثنى منهم الذين ردتهم الشرائع والإيمان إلى الصبر والعمل الصالح .

و { يؤوس } و { كفور } بناءان للمبالغة ، و { كفور } ها هنا من كفر النعمة ، والمعنى أنه ييأيس ويحرج ويتسخط ، ولو نظر إلى نعمة الله الباقية عليه في عقله وحواسه وغير ذلك ، ولم يكفرها لم يكن ذلك ، فإن اتفق هذا أن يكون في كافر أيضاً بالشرع صح ذلك ولكن ليس من لفظ الآية .

وقال بعض الناس في هذه الآية : { الإنسان } إنما يراد به الكافر وحمله على ذلك لفظة { كفور } ، وهذا عندي مردود ، لأن صفة الكفر لا تطلق على جميع الناس كما تقتضي لفظة الإنسان .