إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً } أي أعطيناه نعمةً من صحة وأمْنٍ وجِدَةٍ{[402]} وغيرها وأوصلناها إليه بحيث يجد لذّتها { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } أي سلبناه إياها ، وإيرادُ النزعِ للإشعار بشدة تعلُّقِه بها وحِرْصِه عليها { إنَّهُ لَيَئُوسٌ } شديدُ القنوطِ من رَوْح الله قَطوعٌ رجاءَه من عَود أمثالِها عاجلاً أو آجلاً بفضل الله تعالى لقلة صبرِه وعدمِ توكلِه عليه وثقتِه به { كَفُورٌ } عظيمُ الكُفرانِ لِما سلف من النعم ، وفيه إشارةٌ إلى أنّ النزْعَ إنما كان بسبب كفرانِهم بما كانوا يتقلّبون فيه من نعم الله عز وجل ، وتأخيره عن وصف يأسِهم مع تقدمه عليه لرعاية الفواصلِ على أن اليأسَ من فضل الله سبحانه وقطعَ الرجاءِ عن إفاضة أمثالِه في العاجل وإيصالِ أجرِه في الآجل من باب الكُفران للنعمة السالفة أيضاً .


[402]:وجد وجدا وجدة: صار ذا مال.