فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

{ ولئن أذقنا الإنسان } أي الجنس فيشمل المؤمن والكافر ويدل على ذلك الاستثناء الآتي قيل المراد به جنس الكفار ، ويؤيده أن اليأس والكفران والفرح والفخر هي أوصاف أهل الكفر لا أهل الإسلام في الغالب وقيل المراد بالإنسان الوليد ابن المغيرة وقيل عبد الله ابن أمية المخزومي { منا رحمة } أي نعمة من توفير الرزق والصحة والسلامة من المحن وسعة العيش والرخاء .

{ ثم نزعناها منه } أي سلبناها إياها وأخذناها قهرا عليه ، وإيراد النزع للإشعار بشدة تعلقه بها وحرصه عليها ، { إنه ليؤوس } أي آيس من الرحمة شديد القنوط من عودها وأمثالها لقلة صبره وعدم ثقته بالله { كفور } عظيم الكفران وهو الجحود لها . قاله ابن الأعرابي .

وفي إيراد صيغتي المبالغة ما يدل على أن الإنسان كثير اليأس وكثير الجحد عند أن يسلبه الله بعض نعمه فلا يرجو عودها ولا يشكر ما قد سلف له منها . وفي التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه لأن الإذاقة والذوق أقل ما يوجد به الطعم .