قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً } الآية .
لما ذكر أنَّ عذاب الكُفَّار وإن تأخَّر لا بد أن يحيق بهم ، ذكر بعدهُ ما يدلُّ على كفرهم ، وعلى كونهم مستحقين لهذا العذاب ، فقال : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان } . وقيل : المراد منه مطلق الإنسان ؛ لأنَّه استثنى { إِلاَّ الذين صَبَرُواْ } ؛ ولأنه موافق لقوله تعالى : { إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ } [ العصر : 2 ، 3 ] { إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً } [ المعارج : 19 ] ولأنَّ مزاج الإنسان مجبولٌ على الضَّعف والعجز .
قال ابنُ جريج في تفسير هذه الآية : يا ابنَ آدم إذا نزلت بك نعمةٌ من الله ، فأنت كفورٌ ، وإذا نزعت منك فيئوسٌ قنوط{[1]} .
وقيل : المرادُ به الكافر ؛ لأنَّ الأصل في المفرد المعرف بالألف واللاَّم أن يعود على المعهود السَّابق إلاَّ أن يمنع مانع منه ، وههنا لا مانع ؛ فوجب حمله على المعهود السابق ، وهو الكافر المذكور في الآية المتقدمة .
وأيضاً فالصِّفاتُ المذكورة في الإنسان هنا لا تليقُ إلاَّ بالكافر ؛ لأنَّهُ وصفهُ بكونه كفوراً ، وهو تصريح بالكفر ، ووصفه عند وجدان الراحة بقوله : { ذَهَبَ السيئات عنيا } وذلك جزاءة على الله تعالى ، ووصفه بكونه فرحاً { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين } [ القصص : 76 ] وصفه بكونه فخوراً ، وذلك ليس من صفات أهل الدِّين . وإذا كان كذلك ؛ وجب حمل الاستثناء المذكور في هذه الآية على الاستثناء المنقطع . واعلم أنَّ لفظ " الإذَاقة والذَّوق " يفيدُ أقل ما يوجدُ من الطَّعم ، فكان المراد أنَّ الإنسان بوجدان أقل القليل من الخير في العاجلة يقعُ في الكفر والطُّغيان وبإدراك أقل القليل من البلاءِ يقع في اليأس والقنوط ، قال تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً } نعمة وسعة { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } سلبناها منه { إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } في الشِّدة كفور بالنعمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.