فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

اللام في : { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان } هي الموطئة للقسم ، والإنسان الجنس ، فيشمل المؤمن والكافر ، ويدل على ذلك الاستثناء بقوله : { إِلاَّ الذين صَبَرُواْ } وقيل : المراد : جنس الكفار ، ويؤيده أن اليأس والكفران والفرح والفخر ، هي أوصاف أهل الكفر لا أهل الإسلام في الغالب . وقيل المراد بالإنسان : الوليد بن المغيرة . وقيل : عبد الله بن أمية المخزومي . والمراد بالرحمة هنا : النعمة من توفير الرزق والصحة والسلامة من المحن { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } أن سلبناه إياها { إِنَّهُ لَيَئُوس } أي : آيس من الرحمة ، شديد القنوط من عودها ، وأمثالها ، والكفور : عظيم الكفران ، وهو الجحود بها قاله ابن الأعرابي ؛ وفي إيراد صيغتي المبالغة في { لَيَئُوس كَفُور } ما يدلّ على أن الإنسان كثير اليأس ، وكثير الجحد عند أن يسلبه الله بعض نعمه ، فلا يرجو عودها ، ولا يشكر ما قد سلف له منها .

/خ17