تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ ثُمَّ نَزَعۡنَٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٞ كَفُورٞ} (9)

المفردات :

ولئن أذقنا الإنسان : المراد بالإذاقة هنا : الإعطاء القليل ، والمراد بالإنسان هنا : الكافر ، أو مطلق الإنسان .

رحمة : غنى وصحة .

نزعناها منه : سلبنا منه .

ليؤوس : شديد اليأس من عودة النعمة ، قنوط من رحمة الله .

كفور : شديد الكفر ، مبالغ في كفران النعمة .

التفسير :

9 { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } .

يذكر الحق سبحانه وتعالى طبيعة الإنسان البشرية ، وهي الأنس بالنعمة والسكون إليها ، والجزع والضيق إذا سلبت عنه هذه النعمة ، وهذه الآية قريبة من قوله تعالى : { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } . ( العصر : 1 3 ) .

وقد ذكر العلماء : أن المراد بالإنسان هنا : الإنسان الكافر ، وقيل : أي إنسان ، فيشمل المسلم والكافر ، وقيل : المراد به : إنسان معين هو : الوليد بن المغيرة ، وقيل : عبد الله بن أمية المخزومي .

وجملة : { منا رحمة } . أي : نعمة من توفير الرزق والصحة والسلامة في المحن ، وسعة العيش والرخاء { ثم نزعنا منه } . أي : سلبناه إياها ، وأخذناها قهرا عليه .

{ إنه ليئوس } . أي : آيس من الرحمة ، شديد القنوط من عودها وأمثالها ؛ لقلة صبره وعدم ثقته بالله .

{ كفور } . عظيم الكفران لما سلف له من التقلب في نعمة الله ، كأنه لم ير خيرا .

قال الشوكاني :

وفي التعبير بالذوق في أذقنا ما يدل على أنه يكون منه ذلك ، عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه ، لأن الإذاقة والذوق أقل ما يوجد به الطعم .