تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الانشقاق وهي مكية

{ 1 - 15 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا }

يقول تعالى مبينًا لما يكون في يوم القيامة من تغير الأجرام العظام : { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } أي : انفطرت وتمايز بعضها من بعض ، وانتثرت نجومها ، وخسف بشمسها وقمرها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانشقاق مكية وآياتها خمس وعشرون

تبدأ السورة ببعض مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضت بتوسع في سورة التكوير ، ثم في سورة الانفطار . ومن قبل في سورة النبأ . ولكنها هنا ذات طابع خاص . طابع الاستسلام لله . استسلام السماء واستسلام الأرض ، في طواعية وخشوع ويسر : ( إذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحقت . وإذا الأرض مدت ، وألقت ما فيها وتخلت ، وأذنت لربها وحقت ) . .

ذلك المطلع الخاشع الجليل تمهيد لخطاب " الإنسان " ، وإلقاء الخشوع في قلبه لربه . وتذكيره بأمره ؛ وبمصيره الذي هو صائر إليه عنده . حين ينطبع في حسه ظل الطاعة والخشوع والاستسلام الذي تلقيه في حسه السماء والأرض في المشهد الهائل الجليل : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه . فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ، وينقلب إلى أهله مسرورا ، وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ، ويصلى سعيرا . إنه كان في أهله مسرورا . إنه ظن أن لن يحور . بلى إن ربه كان به بصيرا ) . .

والمقطع الثالث عرض لمشاهد كونية حاضرة ، مما يقع تحت حس " الإنسان " لها إيحاؤها ولها دلالتها على التدبير والتقدير ، مع التلويح بالقسم بها على أن الناس متقلبون في أحوال مقدرة مدبرة ، لا مفر لهم من ركوبها ومعاناتها : ( فلا أقسم بالشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق ؛ لتركبن طبقا عن طبق ) . .

ثم يجيء المقطع الأخير في السورة تعجيبا من حال الناس الذين لا يؤمنون ؛ وهذه هي حقيقة أمرهم ، كما عرضت في المقطعين السابقين . وتلك هي نهايتهم ونهاية عالمهم كما جاء في مطلع السورة : ( فما لهم لا يؤمنون ? وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ? ) . . ثم بيان لعلم الله بما يضمون عليه جوانحهم وتهديد لهم بمصيرهم المحتوم : ( بل الذين كفروا يكذبون . والله أعلم بما يوعون . فبشرهم بعذاب أليم . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . لهم أجر غير ممنون ) . .

إنها سورة هادئة الإيقاع ، جليلة الإيحاء ، يغلب عليها هذا الطابع حتى في مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضتها سورة التكوير في جو عاصف . سورة فيها لهجة التبصير المشفق الرحيم ، خطوة خطوة . في راحة ويسر ، وفي إيحاء هادئ عميق . والخطاب فيها : ( يا أيها الإنسان )فيه تذكير واستجاشة للضمير .

وهي بترتيب مقاطعها على هذا النحو تطوف بالقلب البشري في مجالات كونية وإنسانية شتى ، متعاقبة تعاقبا مقصودا . . فمن مشهد الاستسلام الكوني . إلى لمسة لقلب " الإنسان " . إلى مشهد الحساب والجزاء . إلى مشهد الكون الحاضر وظواهره الموحية . إلى لمسة للقلب البشري أخرى . إلى التعجيب من حال الذين لا يؤمنون بعد ذلك كله . إلى التهديد بالعذاب الأليم واستثناء المؤمنين بأجر غير ممنون . .

كل هذه الجولات والمشاهد والإيحاءات واللمسات في سورة قصيرة لا تتجاوز عدة أسطر . . وهو ما لا يعهد إلا في هذا الكتاب العجيب ! فإن هذه الأغراض يتعذر الوفاء بها في الحيز الكبير ولا تؤدى بهذه القوة وبهذا التأثير . . ولكنه القرآن ميسر للذكر ؛ يخاطب القلوب مباشرة من منافذها القريبة . صبغة العليم الخبير !

( إذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحقت . وإذا الأرض مدت ، وألقت ما فيها وتخلت ، وأذنت لربها وحقت ) . .

وانشقاق السماء سبق الحديث عنه في سور سابقة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقّتْ * وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقّتْ } .

يقول تعالى ذكره : إذا السماء تصدّعت وتقطّعت فكانت أبوابا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بلا خلاف بين المتأولين .

هذه أوصاف يوم القيامة ، و «انشقاق السماء » : هو تفطيرها لهول يوم القيامة ، كما قال : { وانشقت السماء فهي يومئذ واهية }{[11696]} [ الحاقة : 16 ] ، وقال الفراء والزجاج وغيره : هو تشققها بالغمام ، وقال قوم : تشققها تفتيحها أبواباً لنزول الملائكة وصعودهم في هول يوم القيامة ، وقرأ أبو عمرو : «انشقت » يقف على التاء كأنه يشمها شيئاً من الجر ، وكذلك في أخواتها ، قال أبو حاتم : سمعت إعراباً فصيحاً في بلاد قيس بكسر هذه التاءات ، وهي لغة


[11696]:من الآية 16 من سورة الحاقة.