تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

{ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي : استمعت لأمره ، وألقت سمعها ، وأصاخت لخطابه ، وحق لها ذلك ، فإنها مسخرة مدبرة تحت مسخر ملك عظيم ، لا يعصى أمره ، ولا يخالف حكمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

أما الجديد هنا فهو استسلام السماء لربها ؛ ووقوع الحق عليها ، وخضوعها لوقع هذا الحق وطاعتها :

( وأذنت لربها وحقت ) . .

فإذن السماء لربها : استسلامها وطاعتها لأمره في الانشقاق ، ( وحقت ) . . أي وقع عليها الحق . واعترفت بأنها محقوقة لربها . وهو مظهر من مظاهر الخضوع ، لأن هذا حق عليها مسلم به منها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

وقوله : وأَذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ يقول : وسمعت السموات في تصدّعها وتشققها لربها ، وأطاعت له في أمره إياها . والعرب تقول : أذِنَ لك في هذا الأمر أذَنا بمعنى : استمع لك ، ومنه الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما أذِنَ اللّهُ لِشَيْءٍ كأذَنِهِ لِنَبِيّ يَتَغَنّى بالقُرآنِ » يعني بذلك : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيّ يتغنى بالقرآن ومنه قول الشاعر :

صُمّ إذَا سَمِعُوا خَيْرا ذُكِرْتُ بِهِ *** وإنْ ذُكِرْتُ بسُوءٍ عنْدَهُمْ أَذِنوا

وأصل قولهم في الطاعة : سمع له من الاستماع ، يقال منه : سمعت لك ، بمعنى سمعت قولك وأطعت ، فيما قلتَ وأمرت . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت لربها .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت أوطاعت .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وأَذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت وأطاعت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَأذِنَتْ لِرَبّها وحُقّتْ : أي سمعت وأطاعت .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت وأطاعت .

وقوله : وحُقّتْ يقول : وحَقّق الله عليها الاستماع بالانشقاق ، والانتهاء إلى طاعته في ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله وَحُقّتْ قال : حُقّقَت لطاعة ربها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبير وَحُقّتْ وحُقّ لها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

{ وأذنت } معناه : استمتعت ، وسمعت ، أي أمره ونهيه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن{[11697]} » ، ومنه قول الشاعر [ قعنب بن أم صاحب ] : [ البسيط ]

صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به . . . وإن ذُكِرْتُ بشرٍّ عندهم أذنوا{[11698]}

وقوله تعالى : { وحقت } ، قال ابن عباس وابن جبير معناه : وحق لها أن تسمع وتطيع ، ويحتمل أن يريد : وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى


[11697]:أخرجه البخاري في التوحيد، وفي فضائل القرآن، ومسلم في المسافرين، وأبو داود في الوتر، والترمذي في ثواب القرآن، والنسائي في الافتتاح، والدارمي في الصلاة وفي فضائل القرآن، وأحمد في مسنده (2/271، 285، 450)، ولفظه كما في البخاري عن أبي هريرة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أذن الله لشيء ما ادن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به)، ولفظه كما في مسند أحمد (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن). ومعنى(أذن): استمع وقبل.
[11698]:هذا البيت قاله قعنب بن أم صاحب، وهو في اللسان، والطبري، والقرطبي، والبحر المحيط، وفتح القدير ومجاز القرآن، والسمط، وقبله يقول قعنب: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا مني وما علموا من صالح دفنوا وهو شاهد على أن (أذن) بمعنى: استمع.