تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

{ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } أي : كلاما لاغيا لا فائدة فيه ، ولا ما يؤثم ، فلا يسمعون فيها شتما ، ولا عيبا ، ولا قولا فيه معصية لله ، أو قولا مكدرا ، { إِلَّا سَلَامًا } أي : إلا الأقوال السالمة من كل عيب ، من ذكر لله ، وتحية ، وكلام سرور ، وبشارة ، ومطارحة الأحاديث الحسنة بين الإخوان ، وسماع خطاب الرحمن ، والأصوات الشجية ، من الحور والملائكة والولدان ، والنغمات المطربة ، والألفاظ الرخيمة ، لأن الدار ، دار السلام ، فليس فيها إلا السلام التام في جميع الوجوه . { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي : أرزاقهم من المآكل والمشارب ، وأنواع اللذات ، مستمرة حيثما طلبوا ، وفي أي : وقت رغبوا ، ومن تمامها ولذاتها وحسنها ، أن تكون في أوقات معلومة . { بُكْرَةً وَعَشِيًّا } ليعظم وقعها ويتم نفعها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

ثم يرسم صورة للجنة ومن فيها . . ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) فلا فضول في الحديث ولا ضجة ولا جدال ، إنما يسمع فيها صوت واحد يناسب هذا الجو الراضي . صوت السلام . . والرزق في هذه الجنة مكفول لا يحتاج إلى طلب ولا كد . ولا يشغل النفس بالقلق والخوف من التخلف أو النفاد : ( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا )فما يليق الطلب ولا القلق في هذا الجو الراضي الناعم الأمين . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } .

يقول تعالى ذكره : لا يسمع هؤلاء الذين يدخلون الجنة فيها لغوا ، وهو الهَدْي والباطل من القول والكلام إلاّ سَلاَما وهذا من الاستثناء المنقطع ، ومعناه : ولكن يسمعون سلاما ، وهو تحية الملائكة إياهم . وقوله : ولَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّا يقول : ولهم طعامهم وما يشتهون من المطاعم والمشارب في قدر وقت البُكرة ووقت العشيّ من نهار أيام الدنيا ، وإنما يعني أن الذي بين غدائهم وعشائهم في الجنة قدر ما بين غداء أحدنا في الدنيا وعشائه ، وكذلك ما بين العشاء والغداء وذلك لأنه لا ليل في الجنة ولا نهار ، وذلك كقوله : خَلَقَ الأرْضَ في يومَيْنِ و خَلَقَ السّمَوَاتِ والأرْضَ فِي سِتّةِ أيّام يعني به : من أيام الدنيا ، كما :

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : سألت زهير بن محمد ، عن قول الله : ولَهُمْ رِزْقهُمْ فِيها بُكْرَةٍ وَعَشِيّا قال : ليس في الجنة ليل ، هم في نور أبدا ، ولهم مقدار الليل والنهار ، يعرفون مقدار الليل بارخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب ، وفتح الأبواب .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا الوليد ، عن خليد ، عن الحسن ، وذكر أبواب الجنة ، فقال : أبواب يُرى ظاهرها من باطنها ، فَتكلم وَتكلم ، فتهمهم انفتحي انغلقي ، فتفعل .

حدثني ابن حرب ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى ، قال : كانت العرب في زمانهم من وجد منهم عشاء وغداء ، فذاك الناعم في أنفسهم ، فأنزل الله ولَهُمْ رِزْقُهُم فِيها بُكْرَةٍ وَعَشِيّا : قدر ما بين غدائكم في الدنيا إلى عشائكم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ولَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيّا قال : كانت العرب إذا أصاب أحدُهم الغداء والعشاء عجب له ، فأخبرهم الله أن لهم في الجنة بكرة وعشيا ، قدر ذلك الغداء والعشاء .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ليس بكرة ولا عشيّ ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ولَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةٍ وعَشِيّا فيها ساعتان بكرة وعشيّ ، فإن ذلك لهم ليس ثم ليل ، إنما هو ضوء ونور .