تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

{ وَكَأَيِّنْ } أي : وكم { مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } دالة لهم على توحيد الله { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَأَيّن مّن آيَةٍ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } .

يقول جلّ وعزّ : وكم من آية في السموات والأرض لله ، وعبرة وحجة ، وذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السموات وكالجبال والبحار والنبات والأشجار ، وغير ذلك من آيات الأرض يَمُرّونَ عَلَيْها يقول : يعاينونها فيمرّون بها معرضين عنها لا يعتبرون بها ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربها ، وأن الأولوهة لا تبتغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كلّ شيء فدبرها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وكأيّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السّمَوَاتِ والأرْضِ يَمُرّونَ عَلَيْها وهي في مصحف عبد الله : «يمشون عليها » السماء والأرض آيتان عظيمتان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ} (105)

وقرأت الجماعة «وكأيّن » بهمز الألف وشد الياء ، قال سيبويه : هي كاف التشبيه اتصلت بأي ، ومعناها معنى كم في التكثير . وقرأ ابن كثير «وكائن » بمد الألف وهمز الياء ، وهو من اسم الفاعل من كان ، فهو كائن ولكن معناه معنى كم أيضاً{[6850]} . وقد تقدم استعاب القراءات في هذه الكلمة في قوله : { وكأين من نبي قتل }{[6851]} [ آل عمران : 146 ] .

وال { الآية } هنا : المخلوقات المنصوبة للاعتبار والحوادث الدالة على الله سبحانه في مصنوعاته ، ومعنى { يمرون عليها } الآية - أي إذا جاء منها ما يحس أو يعلم في الجملة لم يتعظ الكافر به ، ولا تأمله ولا أعتبر به بحسب شهواته وعمهه{[6852]} ، فهو لذلك كالمعرض ، ونحو هذا المعنى قول الشاعر : [ الطويل ]

تمر الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا*** ويصدع قلبي أن يهب هبوبها{[6853]}

وقرأ السدي «والأرضَ » بالنصب بإضمار فعل ، والوقف - على هذا - في { السماوات } وقرأ عكرمة وعمرو بن فائد «والأرضُ » بالرفع على الابتداء ، والخبر قوله : { يمرون } وعلى القراءة بخفض «الأرضِ » ف { يمرون } نعت الآية . وفي مصحف عبد الله : «والأرض يمشون عليها » .


[6850]:قال أبو حيان: "وهذا شيء يروى عن يونس، وهو قول مرجوح في النحو"، ثم ذكر أن المشهور عندهم هو رأي سيبويه.
[6851]:من الآية (146) من سورة (آل عمران).
[6852]:العمه: التحير والتردد بحيث لا يدري أين يتوجه، وهو في البصيرة كالأعمى في البصر.
[6853]:الصبا: ريح معروفة تقابل الدبور، قال في الصحاح: "مهبها المستوى أن تهب في موضع مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار". وفي اللسان: "لقيه صفاحا أي استقبله بصفح وجهه"، وصفح الوجه وصفحه: عرضه، فكأنه يصف الصبا بأنها تمر على صفحة وجهه دون أن تؤثر فيه، لكنها تشق قلبه شقا لأنها تذكره الأحبة، والشاهد في البيت أن المرور يكون بدون أثر، ولا تترتب عليه نتيجة.