تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

{ قول معروف } أي : تعرفه القلوب ولا تنكره ، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم ، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له { ومغفرة } لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه ، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي ، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى ، لأن القول المعروف إحسان قولي ، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة ، وكلاهما إحسان ما فيه مفسد ، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره ، ومفهوم الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة ، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا لها محرما ، لأن المنّة لله تعالى وحده ، والإحسان كله لله ، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله وهو ليس منه ، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ عليه ، والذل والاستعباد لا ينبغي إلا لله ، والله غني بذاته عن جميع مخلوقاته ، وكلها مفتقرة إليه بالذات في جميع الحالات والأوقات ، فصدقتكم وإنفاقكم وطاعاتكم يعود مصلحتها إليكم ونفعها إليكم ، { والله غني } عنها ، ومع هذا فهو { حليم } على من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه ، ولكن رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين ، بل يمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليه وينيبون إليه ، فإذا علم تعالى أنه لا خير فيهم ولا تغني عنهم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قَوْلٌ مّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيّ حَلِيمٌ }

يعنى تعالى ذكره بقوله : { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ } قول جميل ، ودعاء الرجل لأخيه المسلم . { وَمَغْفِرَةٌ } يعني : وستر منه عليه لما علم من خلته وسوء حالته ، خير عند الله من صدقة يتصدقها عليه يتبعها أذى ، يعني يشتكيه عليها ويؤذيه بسببها . كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أذًى } يقول : أن يمسك ماله خير من أن ينفق ماله ثم يتبعه منّا وأذى .

وأما قوله : { غَنِيّ حَلِيمٌ } فإنه يعني : والله غنيّ عما يتصدقون به ، حليم حين لا يعجل بالعقوبة على من يمنّ بصدقته منكم ، ويؤذي فيها من يتصدّق بها عليه .

ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما :

حدثنا به المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الغنيّ : الذي كمل في غناه ، والحليم : الذي قد كمل في حلمه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ} (263)

{ قول معروف } رد جميل . { ومغفرة } وتجاوز عن السائل والحاجة ، أو نيل المغفرة من الله بالرد الجميل ، أو عفو من السائل بأن يعذر ويغتفر رده . { خير من صدقة يتبعها أذى } خبر عنهما ، وإنما صح الابتداء بالنكرة لاختصاصها بالصفة . { والله غني } عن إنفاق بمن وإيذاء . { حليم } عن معاجلة من يمن ويؤذي بالعقوبة .